على فرض أن بعض جماعة 19 الذين كتبوا الرسالة للرئيس حرّكتهم مصالحهم الشخصية، كما تقول الحكومة، أو حرّكتهم بقايا المقاومة في “الدياراس”، الحزب الحاكم (سابقا)، فإن انتصارهم على بقايا رجال الرئيس في الحكم ولو إعلاميا يدل على أن الرئيس لم يعد بجانبه من يصون مصالح الجزائر.أولا: إعلاميا أخطأت جماعة الرئيس عندما استلمت الرسالة في أول نوفمبر وسكتت عليها طوال أسبوع كامل! وكان من المفروض أن يتم الرد على هذه الرسالة في حينها بطريقة أو بأخرى... لكن الجهاز الوطني للإعلام السلطوي أصبح معطلا، في وقت أصبح الحكم الراشد في أي بلد يعتمد أساسا على الإدارة الجيدة للإعلام وتدفق المعلومات. إسناد الإعلام الحكومي في الحكومة والرئاسة ووزارة الإعلام إلى أناس لا علاقة لهم بالإعلام، وإسناد المسؤوليات الحساسة في الرئاسة إلى أناس يعتبرون قوة السلطة في حجب المعلومات عن الشعب، وفي النوم فوق الملفات الحساسة وفي عدم إطلاع الرئيس على ما يكتب إليه، هؤلاء هم سبب البلاء الذي يصيب البلاد.فلو عالجت مصالح الرئاسة والإعلام هذه الرسالة في وقتها لكانت رسالة عادية مثلها مثل العديد من الرسائل التي تصل رئاسة الجمهورية. لكن حالة التعتيم التي فرضت على الرسالة هي التي أعطت للرسالة معنى وذكاء لكاتبيها تجاوز حيل مستقبليها... فاللجوء إلى الإعلام من طرف أصحاب الرسالة لتبليغ الرسالة أعطاها معنى أكثر من المعنى الذي كتبت من أجله.ثانيا: الآن السلطة وضعت نفسها في حرج، حين أثبتت للرأي العام أن ما جاء في الرسالة فيه قوة الحقيقة التي لا تقبل الجدال.. فالرسالة حجبت عن الرئيس مدة أسبوع... والرئيس الآن إذا استقبل أصحاب الرسالة يقيم الحجة على أن محيطه يحجب عنه الحقائق، وإذا لم يستقبلهم يعطي أصحاب الرسالة حجة أقوى على أن الرئيس لم يعد يحكم، وأن المحيط هو الذي يقرر بدلا عنه، بدليل أن هذا المحيط الذي نددت به الرسالة هو الذي تولى الإجابة مكان الرئيس، قبل حتى أن يأخذ رأي الرئيس في الرسالة! الغريب أن الرئيس يحكم شعبه بالرسائل ويعارض بالرسائل أيضا.ثالثا: الرسالة كشفت أيضا عن هشاشة عالية للنظام تجاوزت كل التوقعات والتقديرات..! فإذا كانت جماعة من الموالين للنظام سابقا والآكلين في صحنه يمكن أن تلحق بالنظام مثل هذه الأضرار، فكيف يكون حال النظام إذا تحركت جماعات أخرى لها وزونها وشعبيتها وتأثيرها في الرأي العام؟!اللافت في رد جماعة النظام على الرسالة أنهم ذهبوا مباشرة إلى الحديث عن المعركة لخلافة الرئيس... فقال رئيس الحكومة: من أراد الرئاسة عليه أن ينتظر عام 2019، في حين لم تتحدث الرسالة عن هذا الأمر ! وهذا ما فهم أن أمر الحديث عن الرئيس هو فعلا جار، ولكن في سرايا الحكم أكثر من الحديث عنه في أوساط المعارضة؟!وفي النهاية، فإن جماعة الرئيس في مجموعة 19 ورطت الرئيس مع الجماعة المحيطة به، وتلك هي المصيبة؟!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات