كشف مصدر مالي، لـ”الخبر”، أن “التكلفة الإجمالية لدعم أهم المواد الغذائية الأساسية في الخمس سنوات الأخيرة قدرت بأكثر من 11 مليار دولار أي بمعدل 2,2 مليار دولار سنويا، ورغم أهمية المبالغ المالية التي يتم ضخها سنويا، فإن هذه الموارد المالية لا تستفيد منها بالضرورة الفئات الفقيرة والمعوزة فحسب، بل إنها تفيد العديد من الفئات بما في ذلك شبكات التهريب التي تجني الكثير من تسريب المواد الغذائية المدعمة منها الفرينة أو الدقيق.وأشار نفس المصدر إلى أن أعلى مستوى للدعم المقدم لمواد مثل الحبوب والحليب والزيت سجل سنة 2011، حيث بلغ 2,58 مليار دولار، بينما الأدنى كان سنة 2010 بحوالي 891 مليون دولار، ويضمن الدعم المقدم تغطية الفوارق في السعر بين تكلفة الاستيراد والبيع، ولكنه يبقي على العديد من الثغرات التي تسمح للكثيرين باستغلاله أو تحويله، فيما تظل الدواوين المهنية التي أنشأتها الحكومة عاجزة عن تنظيم الأسواق، وتقتصر مهامها على تسيير أموال الدعم دون تتبع مسارها ووضع آليات مرافقة ومراقبة، فيما يساهم كل منتوج مدعم في استحداث قنوات للتهريب، ما يتطلب مراجعة الاستراتيجية الحالية لتسيير سياسة الدعم التي تتسبب في رفع الأسعار، إلى جانب تسجيل زيادة في فاتورة الاستيراد، وتحويل جزء من المواد المستوردة والمدعمة إلى وجهة غير تلك التي تخصص لها.ورغم إنشاء الدواوين، إلا أن مشكل المواد الغذائية المدعمة لا يزال يؤرق الحكومات المتعاقبة التي لا تزال لم تجد حلا عمليا يضمن عدم استغلال عدة فئات لهذه المواد، فيما بدأت أصوات تتعالى بضرورة تحرير أسعار أكياس الحليب المستقرة منذ سنة 2002، مع التكفل بالطبقات المحتاجة للدعم. ونفس الأمر بالنسبة للخبز والدقيق، وهو إجراء مستبعد، حسب المصدر ذاته، على المدى القصير خشية المساس بالسلم الاجتماعي.وعلى النقيض من ذلك، تبنت السلطات العمومية سياسة تقضي بمحاولة تقليص فاتورة استيراد المواد الأساسية، من خلال إحلال الواردات بداية بمادة الزيت التي يرتقب أن يعرف فيها العرض ارتفاعا في غضون 2017، مع دخول مصنعين جديدين على الأقل حيز الإنتاج، بما في ذلك إنتاج المادة الأولية، فيما لا يستبعد، حسب المصدر نفسه، في غضون السنتين المقبلتين، فرض ضرائب مرتفعة على المنتجات المستوردة النهائية، فضلا عن اعتماد تعريفات جمركية تضمن حماية للمنتجات المصنعة محليا للحفاظ على الإنتاج الوطني والتقليص من فاتورة الاستيراد، مثلما هو معمول به في الدول المجاورة. وإلى أن يتم ذلك، فإن المعادلة ستظل قائمة على المدى القصير، مع غياب بدائل لدى الحكومة التي ستركز فحسب على الحفاظ على السلم الاجتماعي، بتوزيع جزء من الريع على شكل دعم يشمل الجميع دون استثناء، لصعوبة تطبيق الآليات التي بدأت تعتمدها في مجال الوقود والبنزين من خلال مشروع قانون مالية 2016، أي التسقيف لمستوى الاستهلاك والذي يرتقب أن يستمر خلال السنوات المقبلة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات