38serv
أكد الخبراء الاقتصاديون أن تصريح وزير التجارة، بختي بلعايب، بشأن تضخيم فواتير الاستيراد، جاء متأخرا، وأن الحكومة لم تكشف عن التضخيم إلا بسبب وقع الصدمة البترولية التي خلفت انكماش المداخيل الوطنية، وهو الأمر الذي يكشف أن السلطات العمومية والمصالح الرقابية متورطة في مثل هذه الممارسات، من خلال المشاركة في ارتكاب المخالفات أو إهمال الدور الرقابي للتصدي لها أو محاربتها.وفي هذا الشأن، دعا الخبير الاقتصادي، فارس مسدور، إلى ضرورة اعتبار هذا التصريح لعضو في الحكومة بمثابة تحريك للدعوى العمومية ضد كل المتورطين في عمليات تهريب العملة الصعبة، بمن في ذلك المستوردون المعنيون بهذه التجاوزات مباشرة، بالإضافة إلى المصالح الرقابية المسؤولة عن مكافحة المخالفات المذكورة.وقال المتحدث، في اتصال مع ”الخبر”، إن مجرد التصريح بتضخيم فواتير الاستيراد من طرف وزير في الحكومة غير كاف، مشددا على فتح تحقيق في القضية ومحاسبة كل المتورطين، بدءا بكل الوزراء الذين تعاقبوا على تسيير قطاع التجارة، والمسؤولين في مختلف القطاعات. وأكد الخبير أن ظاهرة تضخيم فواتير التجارة الخارجية بغرض تهريب العملة الصعبة، على الرغم من تصريح وزير التجارة، لا تزال مستمرة إلى حد الآن، في ظل عدم وجود قاعدة للبيانات تخص الأسعار الدولية يمكن الاستناد عليها للتأكد من أن المبالغ المصرح بها مطابقة للتسعيرات الدولية، أو قريبة منها على أقل تقدير.وكشف الخبير أن المستوردين الجزائريين ابتدعوا العديد من الأساليب لمخالفة القوانين وتضخيم الفواتير، وأشار إلى أن المالكين الحقيقيين للشركات الموردة للسلع المستوردة هم المتعاملون المستوردون أنفسهم. وذكر أن هؤلاء التجار يتمكنون من استخراج السجل التجاري في دولة الصين مثلا خلال 19 دقيقة فقط، كما يمكنهم أيضا استخراج نفس الوثيقة في فرنسا مقابل رسم لا يتجاوز 2 أورو، وهي الطرق التي تسمح لشركات الاستيراد بالتلاعب بالفواتير كما تشاء.واستبعد مسدور أن تنجح الحكومة في القضاء على الظاهرة عبر استحداث رخص الاستيراد التي ستدخل حيز العمل ابتداء من السنة المقبلة، وقال إن هذه الخطوة ستفتح، بالعكس من ذلك، الباب واسعا أمام المسؤولين الفاسدين لاستغلال القانون من أجل ابتزاز التجار، لاسيما في ظل خضوع هذا الإجراء، في مجال تحديد السلع المعنية، إلى سلطة القطاعات الوزارية. وأشار في السياق إلى أن الحل يكمن في استحداث السجل التجاري الإلكتروني، وترسيم التعامل بطرق الدفع الإلكتروني للوقوف أمام هذا النوع من التجاوزات.استيراد ”الخردة” يكلف الخزينة 20 مليار دولار سنوياومن جهته، قال الخبير في الشؤون الاقتصادية، عبد المالك سراي، إن الحكومة اكتشفت هذه ”السرقات” التي لطالما ندد بها على غرار خبراء آخرين بصفة متأخرة، مدفوعة في ذلك بتداعيات انهيار أسعار النفط، التي أجبرتها على البحث عن بدائل من بينها التقليل من فاتورة الاستيراد واسترجاع أموال السوق الموازية. وأكد أن الخزينة العمومية تفقد على الأقل 20 مليار دولار سنويا بسبب تضخيم فواتير الاستيراد، المتعلقة بالخردة. وكشف أن هذه الظاهرة جزء من الممارسات غير القانونية المتمثلة في ”السرقة” في قيمة السلع ومدة صلاحيتها، مشيرا إلى استيراد العديد من المتعاملين تجهيزات ”خردة” غير صالحة للاستعمال على أساس منتجات جديدة تدخل السوق الجزائرية بأسعار مرتفعة.وعلل المتحدث ظاهرة عدم مطابقة الأسعار الدولية لتلك المطبقة على الصعيد المحلي، بإشكالية تضخيم فواتير الاستيراد، إذ عادة ما لا ينعكس تراجع التسعيرات في السوق الدولية على طبيعة الأسعار المطبقة في الأنشطة التجارية الوطنية، وهو الأمر الذي يدفع المواطنين إلى تحمل نسبة كبيرة من التهاب الأسعار وارتفاع نسب التضخم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات