أطلقت 19 شخصية مسعى للقاء الرئيس بوتفليقة، في رسالة إليه أودعتها بالرئاسة، الإثنين الماضي، وكشفتها، أمس، في ندوة صحفية بالعاصمة. وقال موقعو الرسالة، مخاطبين الرئيس “وجدنا أنفسنا مجبرين ومرغمين على الإعلان عن مسعانا، إن لجوءنا للإعلام لتبليغكم بطلب ملاقاتكم تمليه خشيتنا المشروعة بأن لا يصلكم أبدا عبر القنوات المؤسساتية الرسمية”.
19 شخصية بينهم سياسيون وثوريون وحقوقيون ووزراء سابقون “يعرفهم الرئيس بوتفليقة جيدا”، وقعوا الرسالة التي زكاها، كذلك، ووافق عليها 60 شخصية معروفة أيضا بالساحة الوطنية، لم تظهر أسماؤهم ضمن الموقعين، باعتبار أن عدد التوقيعات حدد بين 15 و20 توقيعا فقط، مثلما أوضحت لويزة حنون، التي وقعت الرسالة باعتبارها شخصية وطنية، قبل أن تسند لها صفة الناطق باسم الموقعين. بينما أكدت مصادر، على هامش الندوة، لـ«الخبر”، أن الشخصيات التي زكت الرسالة “مهمة جدا”. ولاحقا، شددت حنون أن “هناك عشرات الشخصيات من مسؤولين سابقين ومؤرخين وثوريين وغيرهم يدعمون المسعى، لكنهم لم يتمكنوا من التوقيع، كما أننا حددنا عدد التوقيعات حتى لا تتحول الرسالة إلى عريضة وحتى يسهل للرئيس الموافقة على استقبالنا”.الرسالة موقعة من طرف: زهرة ظريف بطاط، لويزة حنون، لخضر بورقعة، عبد القادر ڤروج “مجاهد محكوم عليه بالإعدام”، ومعه مصطفى فتال، ومريام بن حمزة “مجاهدة”، ومحمد لمقامي “مجاهد وسفير سابق”، ورشيد بوجدرة “أديب ومجاهد”، وبوجمعة غشير، “حقوقي”، وعبد الحميد أبركان “وزير سابق”، وخليدة تومي، وزيرة الثقافة سابقا، وفتيحة منتوري “وزيرة سابقة”، ونور الدين بن يسعد “حقوقي”، وزهيرة ياحي “مناضلة”، ورشيد حاج ناصر “إطار متقاعد”، ودليلة عزوڤ “مناضلة”، وبديعة سطور “مناضلة”، وفطومة أوصلحا “ممثلة”، وسامية زنادي “ناشرة”.من يحجب الرسائل عن الرئيس؟ولم تظهر خليدة تومي بمظهر وزيرة نهلت من الطباع الرسمية، كثيرا، رغم تحفظها، وهي التي قالت إنها راسلت الرئيس بوتفليقة قبل أشهر قليلة، لكنها لا تعتقد أن الرسالة وصلته.. والتواصل مع الرئيس هاجسا مقلق ومؤرق لدى أصحاب الرسالة، التي قدمت لمدير ديوان الرئيس، نسخة، وأخرى وضعت على مكتب أمين سره، ذلك أن المجاهد عبد القادر ڤروج قال بدوره إنه راسل الرئيس ليشكره على قضية، لكن رسالته لم تصل! من يحجب الرسائل عن بوتفليقة؟ سؤال طرح خلال الندوة وبقي بلا إجابة، عدا أن الحاضرين تبادلوا نظرات الحيرة، تحت سقف فندق “السفير” المزخرف، لعل هذا ما دفع إلى عقد الندوة الصحفية، حتى يعلم من قد يقول، يوما، أن الرسالة لم تصل!الرسالة قرئت مرتين: مرة قرأها بالفرنسية المجاهد عبد القادر ڤروج “سي الجيلالي”، وقرأتها بالعربية، مرة ثانية، لويزة حنون، مخاطبة الرئيس: “.. من واجبنا الوطني كجزائريين أن نلفت اهتمامكم السامي إلى تدهور الحق العام في بلدنا”، وأبرزت الرسالة ما يلي: “التخلي عن السيادة الوطنية، وأكبر مثال على ذلك تخلي الدولة عن حقها في الشفعة الذي كنتم دائما متمسكين به بشدة”. كما لاحظ الموقعون “انحلال مؤسسات الدولة.. وهو الأمر الذي يجعل مكاسب الأمة في خطر، في الوقت الذي يرتفع، بشدة، مستوى المخاطر الخارجية”.مصدر القرار.. السؤال اللغزمن البداية، لم يكن مسعى الشخصيات الراغبة في لقاء الرئيس، ذا رائحة “حزبية”، فرشيد بوجدرة، المجاهد، لم يظهر له تحزب، مثلما ظهرت له، متحدثا لـ«الخبر”، رغبة في مقابلة الرئيس، فبدت الرسالة محررة من أشخاص “يريدون لقاء بوتفليقة”، لكن المهتمين بشأن الرئاسة والسياسة في الجزائر سواء في الفضول إلى معرفة من يتخذ القرارات، ومثل هذا التساؤل، إن لم يطرح على ورق، فإنه ملازم لأذهان الجزائريين، وعبر عنه الموقعون بما أسموه في رسالتهم “استبدال التسيير المؤسساتي الشرعي، الذي نعرف مدى تمسككم به، بتسيير مواز، معتم، غير قانوني وغير شرعي”. وحملت الرسالة انشغالا عاما، من ذلك ما تضمن “تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي تدهورا خطيرا.. أما الحلول المقلقة التي تقدمها سلطات البلد، فتنذر بالمزيد من هشاشة وضع الفئات الأكثر انجراحا، فيما سلم البلد بثرواته وإمكاناته للمفترسين وللمصالح الأجنبية التي كافحتموها (الكلام موجه للرئيس) دون هوادة”.ولفتت رسالة أصحاب الشأن انتباه الرئيس إلى “التخلي عن الإطارات الجزائرية التي تتعرض للتعسف وإلى العقوبات المجحفة والمتحيزة دون أي احترام لقوانين الجمهورية وتشريعاتها وللإجراءات القانونية”.رسالة بخمسة مآخذوتوجه الموقعون للقاضي الأول في البلاد بالتأكيد “مع ذلك، فإن قناعتنا راسخة بأن هذا الوضع لا يتماشى مع تاريخكم كمجاهد.. ولا مع ممارستكم للرئاسة، ولذا نرفع إليكم طلبنا، راجين منكم استقبالنا في لقاء بغية أن نقاسمكم انشغالاتنا العميقة المتعلقة بمستقبل البلد، والتماس تدخلكم في الوضع الخطير القائم”. هذا المقطع الأخير لقي تأكيدا من المجاهدة زهرة ظريف بطاط، بقولها: “أتمنى أن يكون عيد نوفمبر عيدا مليئا بتحقيق أمنيات الشهداء في بلد ديمقراطي، سيد”، وتابعت كمن يبعد تهمة قد يواجهها موقعو الرسالة: “لا نبتغي لا منصبا ولا امتيازا، فقط قررنا نقل مخاوفنا إزاء خطورة الوضع تحقيقا لأهداف الشهداء”.نفت حنون “حزبية المسعى”، كما نفت تضمن المسعى “مشروعا سياسيا”، لذلك ردت، لاحقا، على سؤال حول “خلو المسعى من حلول”، فقالت: “هذه ليست مبادرة سياسية، ولسنا في منافسة مع أي مبادرة سياسية، سجلنا انحرافات خطيرة في الأشهر الماضية، اتخذت منحى منذرا لا يمكن جبره إن لم تتخذ قرارات سياسية عاجلة”.ولم تذكر حنون تلك القرارات، لكن المتتبع للقضايا المطروحة على الساحة، يحال إلى ذهنه أن من بين القرارات المقصودة، التغييرات على مستوى الجيش والمخابرات، ومصير الجنرالين حسان وبن حديد، بالإضافة إلى قرارات اقتصادية.لسنا مبتزين ولا نريد مناصبوتابعت حنون: “نريد لقاء الرئيس لمعرفة مواقفه إزاء قضايا عديدة مطروحة، لأنه المسؤول عن أمن الدولة، ولسنا مدعوين لوضع برنامج وطرح حلول، الوضع يستدعي، فعلا، تصحيح قرارات اتخذت على مختلف الأصعدة”، بينما أبعدت عن المجموعة صفة “القاضي”، فقالت: “لا ندعي كوننا سلطة قضائية، ولكن نريد تشخيص الوضع وحث الرئيس على اتخاذ القرارات”. ومن يتخذ القرارات حاليا؟ ترد الناطقة باسم موقعي الرسالة: “لا نتهم أحدا، تحدثنا عن شكوك ونحن متفقون على أن الانحرافات المسجلة في كل المجالات تتنافى مع مبادئ الرئيس وسيرته الذاتية، لذلك نريد معرفة مواقفه وإطلاعه على حقيقة ما يدور”. وأضافت: “الشعب يعلم كل شيء ويعرف من يقوم بذلك ويعرف من الصالح ومن الطالح، ويعرف مصادر القرار وكل جزائري يعرف من المسؤول عما يجري”.وفي حال لم يستجب الرئيس بالموافقة على اللقاء؟ تجيب الناطقة باسم الموقعين: “إذا استقبلنا سننظم لقاء صحفيا آخر لنعلم الشعب ما قاله رئيسه، وإن لم يستقبلنا سوف نجتمع مرة أخرى، لأننا لسنا مغامرين ولسنا نمارس ابتزازا ولا نريد مناصب بمجلس الأمة.. سننتظر أياما وليس أسابيع أو أشهرا لنتخذ ما يمكن اتخاذه بالتوجه للرئيس مجددا حتى لا يمكن لأحد الادعاء بأن الرسالة لم تصل”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات