تصوروا معنا هذه الصورة الكاريكاتورية لحكومة سلال.. مجموعة من الوزراء الذين رفضوا التصريح بممتلكاتهم أمام لجنة الغش السياسي وقمع الفساد.. تُصدر اللجنة قرارات بإدانتهم.. والوزير الأول يحوّل ملفاتهم إلى العدالة وهم وزراء أعضاء معه في الحكومة! والرئيس يحميهم من قرار الوزير الأول ولجنة مكافحة الفساد بـ “الحق في الحصانة” ماداموا وزراء، مثلما فعل مع شكيب خليل عندما حوّل الـدياراس ملفه إلى العدالة وأصدرت العدالة مذكرة القبض عليه، وأبطلت الرئاسة مفعول هذه المذكرة.. بل وعاقبت وزارة العدل القضاة الذين تصرفوا دون العودة إلى حق الرئاسة في النظر في الموضوع قبل تحويله إلى العدالة بحجة الحصانة التي يتمتع بها الوزراء والإطارات السامون للدولة!أو تصوروا صورة أخرى أكثر قتامة.. تصوروا أن الرئيس وافق على تحويل ملفات هؤلاء الوزراء الرافضين للتصريح بممتلكاتهم ومثلوا أمام العدالة وحكمت عليهم بالسجن كما ينص القانون. ! وكان عدد هؤلاء ربع أو نصف الحكومة، كما تقول المعلومات المسرّبة عن حكاية عدم التصريح! تصوروا الحكومة تتخذ إجراء سجن نصف وزرائها بتهمة الفساد، ويُقدم ذلك للرأي العام على أنه من منجزات “السلطة الثورية” في مجال مكافحة الفساد؟! أية جدية في مثل هذا العبث.؟ لو كان سلال والرئيس وحكومة آخر الزمان جديين في مكافحة الفساد لأمروا بتوقيف هؤلاء عن العمل أولا قبل تهديدهم بالعدالة وهم وزراء؟! هل يعقل أن يتم تعيين وزراء لا يمتثلون للقانون إلا بالتهديد ومع ذلك يبقون وزراء في مناصبهم؟! أي عبث هذا؟! من عين هؤلاء ومن يقوم بحمايتهم وهم يخرقون القانون بعدم التصريح بممتلكاتهم حتى يهددهم رئيس الحكومة؟! أين هي تحقيقات مصالح الأمن المختلفة التي تجرى حول المسؤولين قبل تعيينهم؟!أحد الوزراء النافذين قال لي: سأصرح بممتلكاتي عندما أسمع أن رئيس الوزراء الذي يهددنا بالتصريح قد طلب من جنرالات الجيش التصريح بممتلكاتهم أيضا؟! أليسوا هم أيضا إطارات في الدولة ويحملون جواز السفر الدبلوماسي مثل الوزراء؟! فلماذا لا يطبق هذا القانون على الجميع؟!أليس من الأفضل لو أن الحكومة لم تتحدث أصلا حول هذا الموضوع حتى لا تقوم بتحريك المواجع في الرأي العام، وتزيد من متاعب الشعب في تصور “الهملة” التي عليها البلاد في مجال الحكم الراشد؟!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات