38serv

+ -

أكد عضو منظمة التحرير الفلسطينية والأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني الدكتور أحمد مجدلاني، أنه ليس بإمكان أحد وأد الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، ولو قررت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والرئيس محمود عباس التدخل لوقف هذه الانتفاضة فلن يستطيعوا، لأنها “هبّة الكرامة للشعب الفلسطيني”، مضيفا في حوار مع “الخبر” أن الدفاع عن المسجد الأقصى واجب ليس على الفلسطينيين وحدهم بل على جميع المسلمين، ذاكرا أنه لم يصل من العرب سوى 38 مليون دولار من أصل 500 مليون دولار كانت مقررة منذ 2008 دعما لفلسطين.ما هي عوامل اندلاع الانتفاضة أو الهبة الجماهيرية في فلسطين؟ الهبّة الجماهيرية الحالية تتميز بسمات وظروف خاصة مقارنة مع الانتفاضتين السابقتين من حيث الدوافع والأسباب، لكن الأهداف الوطنية العامة واحدة. الانتفاضة الحالية دافعها الرئيسي فقدان الأمل لدى الشعب الفلسطيني، وخصوصا الشباب من الأجيال الصغيرة، من عملية سلام تؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإلى الحرية والاستقلال، فمرور هذا الوقت الطويل لعملية سياسية ومفاوضات استمرت لأكثر من 20 عاما دون أن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي خلَّف حالة من فقدان الأمل واليأس والإحباط لدى الفلسطيني.الأمر الثاني هو فقدان الأمن والأمان لدى المواطن الفلسطيني ارتباطا بتصاعد وتيرة العدوان أو الاعتداءات الإسرائيلية من قبل جنود الاحتلال والميلشيات المسلحة للمستوطنين في الأراضي الفلسطينية، والذين يقومون في الواقع بدور الميليشيا المسلحة الرديفة لجيش الاحتلال، وهذا يذكرنا في الحقيقة بدور الميليشيات التي أطلقها الاستعمار الفرنسي إبان فترة حكمه الأخيرة في الجزائر، حيث كانت تلعب دورا قذرا وإجراميا، وإذا لاحظت في الفترة الأخيرة، خصوصا خلال شهر سبتمبر، ازدادت وتيرة العمليات العدوانية من قبل المستوطنين الذين لم يعودوا يكتفون بإغلاق الطرق والهجوم على البيوت وقتل المواطنين والاعتداء على ممتلكاتهم، بل طوّروا عملية القتل إلى الحرق، وهو ما حدث مع عائلة الدوابشة، والهدف الرئيسي هو بث الخوف والرعب لدى الفلسطينيين، للتهجير والهجرة القسرية من أماكن التجمعات الفلسطينية.أما الأمر الثالث، فهو فقدان الرؤية بالمستقبل لدى جيل الشباب وحدة الأزمة الاجتماعية، فخلال السنوات الثلاث السابقة ونتيجة الضغوط الإسرائيلية من إغلاق وحصار وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية والحصار الاقتصادي في هذه الأخيرة، تراجعت وتيرة النمو الاقتصادي في فلسطين، وارتفعت مستويات الفقر والبطالة في المجتمع الفلسطيني خاصة عند فئة الشباب.بينما الأمر الرابع المؤثر الذي كان في الحقيقة شرارة انطلاقة هذه الهبّة الجماهيرية، فهو استفزاز المشاعر الوطنية والدينية من قبل المستعمرين من خلال الاعتداءات على المسجد الأقصى الذي يشكل رمزا دينيا للفلسطينيين والعرب والمسلمين، بالنسبة للفلسطينيين هو رمز وطني، فهي تتميز بالعلم والأقصى، فمحاولة تقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا وعمريا خلق إشكالية كبيرة واستفز المواطنين خاصة المقدسيين، وبكل صراحة كل العمليات البطولية والفردية التي كانت في القدس خاصة وفي غيرها من المناطق الفلسطينية قام بها شباب غير متدين.. فهم مواطنون عاديون حركهم الاستفزاز الوطني.والعامل الخامس هو الخطاب الذي ألقاه الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، والذي بعث الروح الوطنية عند الفلسطينيين من جديد، ووضع خطة خارطة طريق سياسية نضالية للمرحلة القادمة، وبالتالي شعر كل فلسطيني أن مرحلة المفاوضات والحل السياسي قد انتهت، وهناك مرحلة جديدة، وكل فلسطيني شعر أن من واجبه يكون جزءا من المرحلة الكفاحية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.وفي النهاية فإن هذه الهبّة الجماهيرية هي ردة فعل طبيعي لسياسة الاحتلال والإذلال والقهر والتجويع التي مارسها الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين، فلا ينبغي أن نستغرب في أي لحظة من اللحظات أن الشعب الفلسطيني يثور ما بين فترة وأخرى.فيم تتمثل الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من الانتفاضتين الأولى والثانية حتى لا تعاد في الانتفاضة الفلسطينية الثالثة؟ الدرس الأول الذي استخلصناه من الانتفاضة الأولى هو أنها الأخيرة تميزت بالإضرابات التي كانت تعم مدن وقرى الضفة الغربية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، الآن لا نستطيع استخدام هذا السلاح لأننا نحن من نسيطر على المدن والقرى، والاحتلال خارجها، وإذا عملنا إضرابات فنحن المتضررون منها عمليا، وبذلك لا يجب استخدام وسائل وأشكال العمل النضالي التي كانت في الانتفاضة الأولى.الدرس الثاني من الانتفاضة الثانية أن هذه الأخيرة أخذت طابعا عسكريا، وكان فيها دماء وشهداء كثر ولم تكن النتائج بمستوى التضحيات، والآن نحن نريد انتفاضة شعبية ذات طابع سلمي من أجل سحب كل الذرائع من الاحتلال، وعدم إعطائه أي ذريعة لاستخدام القوة لأنها ميدانه الذي يريده هو ونتانياهو، وهو ما يتفوق فيه علينا، ولذا عسكريا وسياسيا سيتهمنا الجميع أننا نحن الإرهاب، وأنه هو في المعسكر الدولي لمواجهة الإرهاب، وبالتالي علينا خوض المعركة بحسابات دقيقة وباستخدام أشكال ووسائل نضالية أيضا صحيحة.أما الدرس الثالث الذي استخلصناه هو أن الهدف المباشر لهذه الانتفاضة هو إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، ونحن لاحظنا أن هناك أولويات طغت على القضية الفلسطينية، وكنا نعتقد أن الاتفاق ما بين جمهورية إيران الإسلامية والدول الخمس سيعيد الاعتبار لقضيتنا، كون الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية تتذرع أن الخطر الرئيسي هو الملف النووي الإيراني، لكن للأسف طرحت أولوية أخرى بعدها هي مكافحة الإرهاب وأزمة اليمن.لكن من هو الإرهاب الذي يودون مواجهته؟ كنا ومازلنا نقول إن الذي يريد مكافحة الإرهاب يجب أن ينهي الاحتلال الإسرائيلي، لأنه هو سبب الشرور ويغذي كل أشكال التطرف من “داعش” و“النصرة” و “القاعدة” وغيرها من المنظمات الإسلاموية في المنطقة، للأسف الشديد بعض الأشقاء العرب يرون أن الهدف الرئيسي هو مكافحة النفوذ الإيراني في المنطقة ومواجهة الإرهاب، والقضية الفلسطينية يمكن اعتبارها قضية مؤجلة من الممكن البحث فيها لاحقا، فرض الأولويات بهذه الطريقة لمسناه بوضوح في اجتماع الجمعية العامة السبعين في الأمم المتحدة شهر سبتمبر الماضي وللأسف الشديد القضية الفلسطينية كانت مغيبة وغير مطروحة على الإطلاق، فأوباما لم يورد سيرة فلسطين، وحتى غالبية الرؤساء العرب لما تحدثوا لا أحد فيهم تذكر أن فلسطين موجودة على الخريطة، لأنها لم تعد أصلا قضية ذات أولوية، فهذه الهبة الجماهيرية التي نعيشها الآن أول نتيجة ملموسة لها أنها إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية ذات أولوية ينبغي البحث فيها، ووضعت على جدول الأعمال أنه يجب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإلى حد ما أستطيع القول بأن الاهتمام بالقضية الفلسطينية عاد من خلال الاتصالات وتحركات الدول، من خلال زيارة كيري، ومن خلال الاتصالات الأمريكية الإسرائيلية، ومن خلال الاتصالات الدولية الأخرى، لكن لا أستطيع القول إلى غاية الآن بأن هناك نتيجة.ماذا تقصد؟ نحن ما زلنا في أول الطريق، والمهمة الرئيسية أمامنا الآن هي كيف نحافظ على الهبّة الجماعية؟ وكيف نحافظ على دورها؟ وزيادة عمقها الشعبي واتساعها لتشمل كل الفئات العمرية؟ وكيف نسلحها ببرنامج سياسي ملموس قابل للتطبيق، والأهم أن لا نحملها أكثر مما تحتمل. وهنا أريد أن أحذر من خطرين، أولهما استعجال قطف الثمار السياسية، لأن الوقت لازال مبكرا، فعلينا الانتظار حتى تنضج الظروف، وتفعل الانتفاضة فعلها داخل المجتمع الإسرائيلي والمجتمع العربي، وكذا على مستوى الدول، وهذا بحاجة إلى وقت وتضحيات، وشعبنا جاهز لتقديم التضحيات، ومن الممكن الاستمرار بعطاءاته، لكن دعونا نعطي فرصة أكبر ودون استعجال، لأنه لغاية الآن لا يوجد حل سياسي مطروح للقضية الفلسطينية، ونحن لن نقبل هذه المرة بأقل من إنهاء الاحتلال، ولن نقبل أن يقول لنا أي أحد عليكم الانتظار إلى أن تنتهي الانتخابات الأمريكية. النقطة الأخرى هي أننا لا نريد أن تستغل هذه الهبّة الجماهيرية لأغراض حزبية ضيقة من هذا الفصيل أو ذاك وتوظيفها سياسيا..يعني مثلما حدث سابقا؟ مثلما حدث سابقا، فهذه هبّة الشعب الفلسطيني، هبّة الشباب، يجب أن تشمل كل الفئات، وكنت قلت إننا نريد تعميق جذورها المجتمعية ونود توسيع كل الفئات المجتمعية والعمرية، والمحافظة على طابعها الشعبي والسلمي، إذن بهذه الرؤية نعتقد أننا أطلقنا مقاومة شعبية جدية في فلسطين تساند الفعل السياسي والدبلوماسي الذي تقوم به القيادة الفلسطينية، لأن أي جهد سياسي ودبلوماسي دون نضال ملموس على الأرض لن يأتي بنتيجة، ويجب أن يكونا متوازيين، وكلاهما يغذي الآخر ويطوره في طريق سياستنا الرامية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.رغم كل هذا هناك دولتان طلبتا من الرئيس محمود عباس تهدئة الأوضاع في فلسطين. ألا تعتقد أن الأمر محاولة لوأد الانتفاضة؟ الأمر أكبر من هذا بكثير، وحتى أكون صريح معك، حتى لو قررت قيادة منظمة التحرير والرئيس عبّاس التدخل لوقف هذه الانتفاضة فلن يستطيعوا، لأنها هبّة الكرامة للشعب الفلسطيني، وعندما يتحرك الشعب من أجل الحفاظ على كرامته لا يمكن لأي أحد إسكاته، لا بوعود ولا بضغوط، بل لو تدخلنا لإخماد الانتفاضة ستكون في وجهنا وليس في وجه الاحتلال، المهم كما كنا دوما قيادة لهذا الشعب وفي مقدمة الصفوف في النضال ضد الاحتلال، نكون الآن في مقدمة الصفوف ونقود هذه الهبّة الجماهيرية، فلا مصلحة فلسطينية ووطنية في وقف هذه الانتفاضة، من يخاف على نفسه في بيته فليصلح أموره الداخلية وليس على حساب فلسطين ولا شعبها ولا القضية الفلسطينية.ما الدافع لمواصلة المطالبة بالتنسيق الأمني من قبل القيادة الفلسطينية رغم أن إسرائيل ترتكب مجازر متتالية في غزة؟ هناك التباس كبير عند عموم الشارع وفي الإعلام، التنسيق الأمني من اختراع حماس، والأصح هو الترتيب الأمني، ونحن تعودنا أن هذه الأخيرة تخوِّننا وتكفِّرنا، لذلك سأوضح، السلطة الوطنية الفلسطينية قامت على أساس 3 اتفاقيات: الأولى نقل الصلاحيات المدنية للسلطة الفلسطينية في مرحلة انتقالية مدتها 5 سنوات تنتهي في 04/05/1999، مددت لعام بعدها، وبعدها انطلقت الانتفاضة الثانية عام 2000. الاتفاق الثاني هو اتفاق باريس الاقتصادي الذي ينظم العلاقات الاقتصادية والمادية بين الفلسطينيين والإسرائيليين في إطار المرحلة الانتقالية3. والاتفاق الثالث الترتيبات الأمنية المشتركة وتشمل التنسيق المدني، أي كل ما يتعلق بالشؤون المدنية، وتنسيق المعابر والحدود، بل وأكثر من ذلك نحن نستورد كل الطاقة سواء الكهرباء والوقود والبترول من إسرائيل، وحتى جزء كبير من مياهنا التي يسرقونها نشتريها منهم مرة ثانية، وهذا كله جزء من الترتيبات الأمنية، وبالتالي الأمر ليس متعلقا بتنسيق أمني تآمري مع إسرائيل، كأن نقول لهم “القوا القبض على فلان أو علان”، أو “اقتلوا هذا أو ذاك”.لهذا فإن أكذوبة التنسيق الأمني يراد بها النيل من مصداقيتنا الوطنية، وأن نظهر كأننا ننسق مع الاحتلال ضد شعبنا، وأنا أعتقد أن هذا الموضوع من المهم توضيحه، وأعطيك مثالا: في الانتفاضة الثانية فقدت القيادة الفلسطينية 2680 عون فلسطيني، فلو أن هناك تنسيقا أمنيا هل كانت إسرائيل ستقتلهم؟ شيء آخر، الإسرائيليون خلال ما يسمى “الجدار الواقي” هدموا كل المؤسسات الأمنية الفلسطينية، ولو كان هناك تنسيق أمني هل كانوا ليفعلوا ذلك؟ وعلى كل حال أرى أن من الضروري أن يوضع حد، إعلاميا وسياسيا، لهذه الأكذوبة الكبيرة.تأسفت سابقا من موقف العرب المخزي إزاء القضية الفلسطينية. فما المأمول؟ أنت لطيفة جدا في قولك إنه “موقف مخزٍ”، فهو أكثر من ذلك بكثير، المسجد الأقصى له رمزية وطنية عند الفلسطينين، ورمزية دينية عند كل المسلمين وليس العرب فقط، لذلك يجب الدفاع عن الأقصى ليس على الفلسطينيين وحدهم بل على جميع المسلمين أينما كانوا، لكن في حقيقة الأمر من يقوم بالدفاع عن الأقصى هم الفلسطينيون، والأحداث الأخيرة خير دليل. بل نتوقف هنا لنتحدث عن الدعم المالي الذي يتحدث عنه العرب، آخر مرة تم الاتفاق من سرت الليبية أيام الرئيس الراحل معمر القذافي، وتحديدا عام 2008، أن تكون قيمة الدعم 500 مليون دولار، وصل منها لحد الساعة ونحن في سنة 2015 38 مليون دولار فقط، بينما يدعم يهودي اسمه موسكوفيتش إسرائيل لوحده بما قيمته مليار دولار سنويا مما تدره عليه كازينوهات القمار التي يتملكها في أمريكا، وأنا هنا أتكلم عن حقائق، فكيف يكون الدعم؟ هل يكون عن طريق الدعوات الصالحات؟ أو عن طريق خطابات التنديد والشجب والاستنكار والإدانة؟ بصراحة نحن لسنا بحاجة لهذه الخطابات، نريد الحفاظ على طابع القدس العربي والإسلامي والمسيحي، الآن القدس الشرقية والقديمة أضحى فيها تساوي ما بين عدد اليهود والفلسطينيين، وبالتالي علينا العمل على المحافظة على القدس بدعم أهلها وسكانها، بالتعليم فيها، لأن الإسرائيليين يعملون على عدم فتح مدارس هناك، ويقولون إن كنتم تريدون تعليما أرسلوا أبناءكم إلى مدارسنا الإسرائيلية، بدعم الصحة أيضا، كيف نحافظ على بقاء الناس في القدس؟ على حقهم في العمل والحياة؟ بالصلوات والدعاء فقط؟ بالخطابات والتنديدات فقط؟    

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات