الكفاءات الأدبية الجزائرية مغيبة من الكتاب المدرسي

38serv

+ -

صرّح محمد داود، أستاذ الأدب بجامعة وهران، قائلا: إن إدراج الثقافة الأدبية الجزائرية في البرامج الجديدة للمدرسة الجزائرية في مختلف أطوارها، يشكّل حدثا بالغ الأهمية، بحكم تداخله مع العديد من المسائل والرهانات الجمالية والاجتماعية واللغوية، كون الأدب يؤسس أيضا للكفاءة اللغوية بالأساس. واعتبر أن أجمل النصوص من الناحية الفنية والبنيوية وأكثرها متانة من الناحية اللغوية، هي التي تقود التلميذ نحو اكتساب الثروة اللغوية، وتجعله كذلك يتحكم في اللغة شفويا وكتابة. يعتقد الأستاذ محمد داود أنه يتعين على المؤسسة التربوية اقتراح مسار وبرنامج أدبي، يضم نصوصا من التراث الأدبي الجزائري، القديم منه والمعاصر. واعتبر في محاضرة ألقاها، أول أمس، ضمن فعاليات صالون الجزائر الدولي للكتاب، أن الغاية من إدراج النص الأدبي الجزائري في الكتاب المدرسي، تكمن في تزويد التلاميذ بزاد لغوي ومعرفي وجمالي يحقق نوعا من الثقافة المشتركة.وقال الأستاذ داود: “نجد بعض الكتب تذكر مراحل الأدب العربي من جاهلي وإسلامي (من صدر الإسلام إلى السنة 41 هجرية) والعصر الأموي. وتتضمن بعض الكتب مجموعة من النصوص الخاصة بالمطالعة الموجهة، وهي لكل من بيتراند رسل وحمد أمين وطه حسين والعقاد وسعد الله ونوس وأحمد شوقي، وهم أدباء عرب وعالميون. وباستثناء قصة قصيرة لأبي العيد دودو، ونص من إعداد وزارة الإعلام ونص لجميلة زنير، وهي من إنتاج جزائري”. أما عن النصوص الأدبية الجزائرية، وفق ما جاء في محاضرة الأستاذ: “فهي قليلة بالمقارنة بما ورد في الكتاب، وحتى مراحل الأدب العربي القديمة فلا يوجد مؤلف جزائري، بينما نجد أن العديد من الأكاديميين الجزائريين قد ألفوا في هذه الموضوعات، وكان بإمكان الاستعانة بها لتوجيه التلاميذ نحو الكفاءات الوطنية في هذا المجال”.وركز الأستاذ داود على كتاب “الجديد في الأدب والنصوص والمطالعة الموجهة للسنة الثانية من التعليم الثانوي العام والتكنولوجي لشعبتي الآداب والفلسفة”، الذي يعود، حسبه، إلى أغراض الشعر من مجون وزندقة وزهد، كما يتعرض لبعض القضايا الأدبية مثل التجديد والسخرية من القديم، وكذلك النزعة العقلية في الشعر وغيرها من القضايا الأدبية. وباستثناء الفترة الرستمية التي يخصص له نصا لبكر بن حماد، وبعض النصوص لكل من أبي حمو موسى الزياني في الفترة الزيانية، وبعض النصوص لأدباء من الأندلس، ونص لابن بطوطة، فكل النصوص هي لمؤرخين ونقاد مشارقة من أمثال طه حسين وشوقي ضيف ومحمد الغزالي، وبخاصة في المطالعة الموجهة.والملاحظ، حسب المحاضر، أن الأدب الجزائري منذ الفترة النوميدية غير مدروس بالشكل الكافي في مدارسنا، على الرغم من كونه قد أنتج أدباء من الطراز العالي من أمثال أبوليوس بروايته “الحمار الذهبي” التي نالت صيتا واسعا في العصر الوسيط، ولا تزال تشكل مادة بحث للكثير من المنظرين في حقلي الأدب والعلوم الإنسانية من أمثال ميخائيل باختين. ولعل الشعراء والأدباء الذين برزوا بالجزائر في الفترة الإسلامية وفي الفترة العثمانية كثر، أي قبل الفترة الاستعمارية، التي كانت الجزائر تعرف خلالها مستوى ثقافيا راقيا، بحاجة إلى التعريف أيضا. كما يمكن ذكر كتابات كل من أبو محرز الوهراني وأبو راس الناصري والأمير عبد القادر، مثلما تم ذكر الشاعر التيهرتي بكر بن حماد، وكلهم أدباء عاصروا الفترة التي سبقت الفترة الاستعمارية.ويعتقد الأستاذ داود أن مرحلة الاجتثاث الثقافي التي ميزت المرحلة الاستعمارية، انتهت مع بروز أدباء جزائريين ينتمون إلى تيارات مختلفة، موضحا أن العديد من الشهادات التي تأتي من مختلف الجهات، تؤكد على أن عددا كبيرا من التلاميذ، إن لم نقل جلهم، يجهلون أسماء الكتّاب الجزائريين وعناوين كتبهم ونصوصهم، وأضاف: “وعليه، فإن تدريس الأدب الجزائري، القديم منه والمعاصر، يسهم في إعادة المكانة الاجتماعية للمبدع الجزائري، الذي غيبته المدرسة والعديد من المؤسسات الثقافية والإعلامية لمدة طويلة. ولعل تحفيز التلاميذ على التعامل مع الكتاب، قد ينشئ لديهم عادات جديدة تبعدهم ولو لوقت قصير عن التعامل الكبير مع الفضاءات الافتراضية وقد يندفعون نحو الكتابة والإبداع”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات