يحاول الأستاذ لخضر رابحي في كتابه ”من الخوارج إلى داعش.. قراءة في منهج العنف وعقيدة الدم” الصادر عن دار النشر ”عالم الأفكار”، أن يقدّم قراءة جديدة عن تيار التغيير بالعنف، معتمدًا على قراءة علمية هادئة في مصادر ومراجع فكرهم.رجع المؤلف إلى ما كتبه منظّرو التيار الجهادي المعاصر، ودعاة فكر الثورة على الحكام وأنصار التغيير، وفق منهج القوة، من مثل المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني وأبي مصعب السّوري والظّواهري والطرطوسي وغيرهم كثير، ثمّ تتبّع الرّوابط والوصلات التي تربط فكرهم بمراجع التراث ليقدّم رؤية عن منهج الاستدلال عند دعاة الحلّ الجهادي، كاشفًا عن مراجعهم وقراءاتهم الانتقائية الخاصّة لبعض نصوص الكتاب والسنّة وقضايا في التاريخ والعقيدة.واجتهد المؤلّف في أن يعرّي كلّ تبريراتهم المستندة للشرع أو التاريخ أو الواقع أو العقل، ليُبيّن في الأخير أنّ هذا الخبل الذي تعيشه الأمّة منذ سنوات طويلة يعود بالأصل إلى العوج في ذاتنا وإلى بعض المفاهيم الملتبسة في تراثنا والتي لم تأخذ من العلماء والفقهاء حقّها في المعالجة.الكتاب في حقيقته نقد ذاتي لجزء من التراث ونقد مكثّف لمنهج التغيير بالقوّة أو التغيير وفق المنهج الجهادي داخل الأوطان المسلمة، وهو تقريع ضدّ أولئك الّذين عطّلوا عقولهم ومارسوا خبلاً باسم الدّين في انعزال كامل عن حقائق الواقع مع محاولات التخدير باسم الدّين وفضائل الجهاد خارج سياقاتها. كما أنّ الكتاب كشفٌ لعلّة دامية نازفة ارتبطت من أوّل يوم بموضوع الحكم منذ الثورة على سيّدنا عثمان بن عفّان رضي الله عنه إلى زمن الربيع العربي، وهو أيضًا رسائل صعق لإعادة تفكير التغيير إلى سياقاته الطبيعية والخروج من ثقافة الكهوف والمغارات والانسجان في ملابسات وظروف الماضي ودعوة واسعة إلى اجتهاد يكافئ التحوّلات الّتي تعيشها البشرية اليوم بعد الانفجار المعرفي وبعد هذه الحالة السياسية المتقدمة التي فرضها الغرب كنموذج صالح للحكم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات