+ -

مازال الرئيس بوتفليقة يراوح مكانه في موضوع الإصلاحات التي يرى الجميع أنها المخرج الوحيد للبلاد لتفادي الأزمة الخطيرة.الرئيس يغازل المعارضة بالاستجابة لبعض مطالبها في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، ويهاجمها من جهة أخرى بوصفها بأنها تمارس سياسة هز ثقة الشعب في قيادتهǃالرئيس هو أكبر من قام بهز ثقة الشعب في قيادته، ولمعرفة ذلك تأملوا في الآتي:1 - هو الذي قال قبل 15 سنة إن الدستور لا يصلح لتنظيم الحياة السياسية في البلاد، فلا يضمن حريات واستقلال عمل المؤسسات.. ومع ذلك أبقى عليه 15 سنة كاملة دون تغيير.. بل وغيّر بعض مواده نحو الأسوأ ولصالحه.. وفوق هذا جعل موضوع تعديل الدستور برنامجا سياسيا له استمر 15 سنة كاملة.2 - تحدث عن إصلاحات في قطاعات التربية والإدارة والعدالة، ولكنه نفذ إفسادات في هذه القطاعات كانت بمثابة مجازر أتت على ما كان قائما من شبه إدارة وتعليم وعدالة قبل مجيء إصلاحات الرئيسǃ والأمر نفسه فعله في الإعلام الذي كان قبل مجيء الرئيس المظهر البارز من التعددية.3 - قام بخلخلة كل أركان الأحزاب السياسية عبر زرع سياسة جديدة ظهرت في عهده، وهي سياسة التصحيحيات التي كانت تقوم بها مصالح الأمن داخل الأحزاب لإفساد الحياة التنظيمية والسياسية داخل هذه الأحزاب، وشجع الرداءة في تولي القيادة في الأحزاب، كما شجع الانتهازية والفساد في النظام الانتخابي.. وكانت النتائج مؤسسات برلمانية وحكومات خلاصة للفساد والرداءة والتزوير، فيها كل الصفات إلا صفة المؤسسة الدستورية.4 - وعد الجزائريين في خطاب سطيف سنة 2011، تحت ضغط الرعب من الربيع العربي، بإصلاحات.. ولكنه عاد وأنجز إفسادات.. قال: “طاب جناني”.. ثم عاد وطيّب جنان الشباب الذي خطب أمامه. ونفذ ترشحه لعهدة رابعة.. فمن هو الذي يمس بسمعة القيادة؟ المعارضة التي لم تستطع فعل شيء.. أم الرئيس الذي وضع نفسه وسمعته في هذه الصورة الكاريكاتورية؟ǃ5 - اليوم يقدم الرئيس فصلا آخر من التحايل السياسي، عندما يعلن أنه سيقدم أخيرا للشعب الجزائري الإصلاحات الدستورية، ويعلن أنه استجابة لطلب المعارضة، بتكوين هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات، فيعلن أن الدستور يتضمن هذا المطلب، ولكنه في نفس الوقت يقول إنه سيدعم تطوير الهياكل الموجودة.كلام الرئيس أعطى الانطباع بأن الهيئة الدستورية لن يكون حالها أحسن من حال لجان مراقبة الانتخابات الماضية، من حيث الفعالية والاستقلالية، مادام الرئيس هو الذي يعيّنها ويشرف عليهاǃ فمن مازال يؤمن بما يقوله الرئيس بعد هذا كله؟ǃ٦ - الحالة الوحيدة التي تجعل الشعب والمعارضة يثقان فيما يقوله الرئيس هذه المرة، هي أن يدعو إلى ندوة وطنية يحضرها الجميع دون استثناء، وتعرض عليها مسودة الدستور، فتعيد صياغته، ثم يعرض على الشعب في استفتاء، ويكون العرض مصحوبا برزنامة للانتخابات لكل مؤسسات الدولة الدستورية.. لأنه لا يمكن أن تجري انتخابات شرعية تستثنى منها الرئاسة، لأن الرئاسة هي أيضا شرعيتها محل نقاش.. لا يمكن أن نتصور نقاشا جديا حول الشرعية في مؤسسات الحكم دون أن تكون مؤسسة الرئاسة معنية بشرعية الإصلاح هذه.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات