صحوة ضمير أم تصفية حسابات في آخر العمر!

 من عمار بن عودة، خالد نزار إلى الشاذلي بن جديد، ومرورا بالطاهر زبيري وطالب الإبراهيمي وعلي هارون، يظهر الجميع وكأنهم أبرياء مما كانوا شهودا عليه من وقائع بين أيديهم وفي أعينهم.. لا نقرأ في هذه المذكرات سوى اتهامات للآخر بالخيانة وتحميله كل الذنوب المرتكبة في حق الشعب والوطن.بنهاية مهام المجلس الأعلى للدولة، ابتعد علي كافي عن الأنظار حتى بات من التاريخ، أي لم يعد له وجود في دواليب النظام السّياسي، لكن عاد الرّجل إلى السّاحة من خلال مذكراته التي نشرها سنة 1999 في كتاب “مذكرات الرئيس علي كافي: من المناضل السّياسي إلى القائد العسكري، 1946-1962”. وتناولت مذكرات الرئيس علي كافي أسباب قيام ثورة نوفمبر والصراع الذي قام بين المصاليين والمركزيين، وذكر فيها وقائع أزعجت البعض على غرار وزير الداخلية السابق دحو ولد قابلية الذي فند ما جاء في بعض أجزاء الكتاب المتعلّقة بقضية عبان رمضان، فأكد ولد قابلية: “إن عبان لم يسع أبدا إلى تسوية ما مع فرنسا خفيةً عن هيئات الثورة مثلما لمح إلى ذلك العقيد كافي في مذكراته”.وكشفت المذكرات عن تغلغل عدد ممن يعرفون في الجزائر بـ”ضباط فرنسا”، وهم الضباط الذين كانوا منخرطين في الجيش الفرنسي والتحقوا في وقت متأخر بالثورة، في مناصب حساسة وتأثيرهم على التوجهات السياسية للجزائر، وتحكمهم في سلطة القرار بعد الاستقلال. وأثار ذلك جدلا سياسيا وإعلاميا كبيرا، ما دفع بوزير الدفاع السابق، خالد نزار، إلى رفع دعوى قضائية، صدر فيها حكم بسحب الكتاب من المكتبات، وإعادة طبعه بعد إلغاء الصفحات المثيرة للجدل.تشكيك في بطولية بن مهيدي والفدائياتمن القنابل التاريخية، ما فجره ياسف سعدي عندما شكك في بطولية العربي بن مهيدي الذي قال عنه أحد جنرلات فرنسا “لو كنت أملك ثلة من أمثال بن مهيدي لقمت باحتلال العالم كله”. وقال ياسف سعدي إن بن مهيدي الملقب بـ”الحكيم” لم يعمل يوما في العاصمة ولم يطلق رصاصة واحدة في حياته على المستعمِر. وعاد سعدي إلى لقاء جمعه بالعربي بن مهيدي في وهران فقال: “التقيته في وهران عندما ذهبت إليه لأبلغه بموعد الاجتماع الذي دعا إليه قادة الثورة لتقييم ما حققته الأخيرة منذ بدايتها.. لقد كان عضواً في لجنة التنسيق والتنفيذ لكنه لم يطلق يوما رصاصة باتجاه المستعمر”.ولم يقف سعدي هنا، بل ذهب إلى حد اتهام المجاهدة لويزة إيغيل أحريز بعدم المشاركة في الثورة وأنه لم يعرفها يوما وهو زوج شقيقتها، وردت عليه أحريز بإشهار صور قدمت لها وهي تحت التعذيب.وسبق لسعدي أن أثار حفيظة المجاهدة والسيناتور زهرة ظريف بيطاط بعد أن اتهمها بإفشاء مكان اختباء حسيبة بن بوعلي بالقصبة، ما مكن جنرالات فرنسا من نسف البيت الذي كانت وقتها مختبئة بداخله رفقة عمر الصغير وعلي لابوانت، قبل أن يستدرك سعدي تصريحاته السابقة ويقول إنه ليس هو من قال ذلك ولكن كتابات مؤرخين فرنسيين استنادا إلى مراسلات، ليتوجه لزهرة ظريف بيطاط ويقول لها: “إن مشكلتك مع فرنسا وليست معي”. وقبل سنوات، هاجم سعدي الجنرال نزار ونفى عنه صفة المجاهد في مقابلة صحفية مع إحدى اليوميات الوطنية، لكنه سرعان ما تراجع عن تصريحاته بعد تلقيه ضغوطا من نزار ونشر اعتذارا في الجريدة نفسها.براهيمي وحزب فرنساومن الشهادات المثيرة للجدل، اتهام الجنرال نزار لرئيس الحكومة الأسبق، عبد الحميد براهيمي، مفجر قنبلة اختلاس 26 مليار دولار خلال الثمانينات، بتخريب الجزائر. وجاء رد براهيمي باتهام نزار بتزعم حزب فرنسا منذ أحداث أكتوبر 1988، وهو الحزب الذي يريد فرض النموذج الغربي على الشعب الجزائري، وتعزيز النفوذ الفرنسي وتنفيذ سياسة اقتصادية ليبرالية على حساب المصالح العليا للجزائر والعداء للإسلام والعالم العربي وبناء المغرب العربي.بن عودة.. العائدلا يفهم الكثير من المتتبعين سر حضور اسم خالد نزار في كل مذكرات أو اتهامات صانعي استقلال الجزائر.. مثلما هو الحال مع تصريحات بن عودة ضد هذا الرجل الذي يتهمه بالعمالة لفرنسا والتخابر مع جنرالاتها بعد الاستقلال. ومما جاء في شهادته بمناسبة ندوة تاريخية بالطارف: “أن الجناح الذي أطاح بالرئيس الشاذلي بن جديد ودفعه إلى الاستقالة، خبثاء”، وخص خالد نزار بتهمة الإساءة إلى بن جديد ولعِب دور كبير في تنحيته.كما كشف بن عودة تفاصيل الصراع بين أجنحة الثورة حسب أقاليمها الجغرافية، محمّلا “نزار وجماعته” مسؤولية تردي الوضع بعد ذهاب بن جديد الذي قبل باختيارات الشعب في انتخابات 1991.وفي رده، فسر نزار هذه الانتقادات الحادة بحادثة تعود إلى 1965، حينها كان هو مدير العتاد بوزارة الدفاع، في حين كان بن عودة الملحق العسكري بسفارة الجزائر بمصر. وذكر نزار أن الأسباب التي دفعت لاتهامه بـ”إقالة بن جديد” “نعرفها نحن الاثنين معا”.كما أثير جدل حول تصريحات زعيم الأرسيدي السابق، سعيد سعدي، ضد كل من مصالي الحاج والرئيس الراحل أحمد بن بلة، حيث وصف الأول  بالخائن والثاني بالعميل للمصريين.