تستمر معاناة الجزائريين بسبب انقطاع الكابل البحري للشريط العابر للأنترنت في سواحل عنابة، وهو ما عقد يوميات المواطنين الذين أصبحت كل نشاطاتهم مرتبطة بشكل وثيق بالأنترنت، الأمر الذي يستدعي من السلطات العمومية إعادة النظر في طريقة تسيير هذه الخدمة. تنقلت “الخبر”، أمس، في حدود الساعة العاشرة صباحا، على متن زورق نزهة من شاطئ عين اعشير صوب محيط الباخرة الفرنسية “ريمون كروز”، التي شرع طاقمها الفرنسي التابع لمجموعة “أورونج مارين” الفرنسية، المختصة في إصلاح وصيانة كوابل الاتصالات في أعماق البحار، في عملية تشخيص تقني دقيق من طرف مهندسين وتقنيين دوليين مختصين في إصلاح العطب الذي شمل الخميس الماضي، كوابل الألياف البصرية القادمة من مدينة مرسيليا الفرنسية والعابرة للمياه الإقليمية الجزائرية صوب مدينة عنابة.ولقيت “الخبر”، صعوبات كبيرة في الاقتراب من مكان وقوع العطب المتواجد تقريبا على بعد 15 كيلومترا من شاطئ رأس الحراسة، جراء التغطية الأمنية لأفراد القوات البحرية، التي قامت بتطويق محيط تواجد الباخرة الفرنسية، حيث كانت زوارق المجموعة الإقليمية لحرس الشواطئ تقوم، طيلة ليلة أول أمس، بمسح وتأمين شامل للموقع الذي تدخلت فيه الباخرة الفرنسية “ريمون كروز” لإصلاح العطب.وأثار اقتراب قارب النزهة، الذي تمت الاستعانة به للاقتراب من محيط وقوع العطب، انتباه أفراد خفر السواحل وطاقم الباخرة الفرنسية، حيث قاموا بإطلاق صفارات إنذار وتحذير لمنعنا من الاقتراب من محيط “التدخل”، وهو ما التزم به صاحب القارب، الذي أصر على المغادرة خوفا من تعرضه إلى ملاحقة زوارق القوات البحرية.ولاحظنا أثناء تغطية عملية الصيانة لكوابل الألياف البصرية المتضررة، من طرف طاقم الباخرة الأجنبية، قيام الجهات المسؤولة عن الملاحة البحرية بناحية عنابة، بإصدار توجيهات صارمة لإبعاد السفن التجارية القادمة من عدة موانئ دولية من محيط إصلاح العطب، خشية أن تؤثر حركة هذه السفن الضخمة في سير أشغال الصيانة الدقيقة للكوابل، حيث تم إحصاء خلال شروع طاقم الباخرة الفرنسية، ليلة أول أمس الأحد، حوالي 20 باخرة شحن تم إلزام طاقمها بالرسو بعيدا عن محيط التدخل وقبالة الميناء التجاري.وحسب مصدر محلي، يتواجد حاليا فوق ظهر الباخرة الفرنسية “ريمون كروز” حوالي 40 بحارا و15 تقنيا مختصين في الغطس على مسافات طويلة في أعماق البحار من أجل التدخل لإصلاح الأعطاب بمساعدة “ربوت آلي” يتم التحكم فيه عن بعد لأخذ الصور والتدخل التقني في الظروف المناخية الصعبة.وحسب المعلومات المتوفرة، فقد باشر الفريق التقني الفرنسي الذي تم الاستنجاد به من طرف المنظمة المتوسطية لصيانة كوابل الاتصالات في أعماق البحار “أم.أو.سي.أم.أ” بمساعدة الطاقم الجزائري في أشغال إصلاح الطرف الأول من الكابل المتضرر، واستطاع التقنيون الفرنسيون بمساعدة ثلاثة خبراء جزائريين يعملون بالمديرية التقنية لاتصالات الجزائر، في حدود الساعة الخامسة و22 دقيقة من تحديد مكان وقوع العطب الذي شمل كابل الألياف البصرية المتضرر، على بعد 7 أميال بحرية شمال شرقي رأس الحراسة.وتمكن التقنيون الفرنسيون العاملون على مستوى الباخرة “ريمون كروز” من تحديد المكان الأولي للعطب، حيث عثروا باستخدام غطاسين محترفين والاستعانة بـ”الربوت الآلي” على الطرف الأول لكابل الألياف البصرية المقطوع، في انتظار أن يتم العثور على القطعة الثانية للكابل الممزق، الذي من المحتمل أن تكون التقلبات الجوية التي عرفتها ولاية عنابة خلال 72 ساعة الماضية سببا رئيسيا في إبعاد الكابل المبحوث عنه على مسافة يصعب الوصول إليها للشروع في عملية ربطه بالطرف الآخر.ومن جهة أخرى، تنقل مفتشون لهم صفة الضبطية القضائية رفقة المجموعة الإقليمية لحرس الشواطئ بعنابة، على متن الباخرة الفرنسية “ريمون كروز” للتحقيق ميدانيا في الحادثة، وإعداد تقرير إداري وجزائي مفصل بأمر من قيادة الناحية العسكرية الخامسة، لاسيما وأن أعوان البحرية لديهم صلاحية التحري في الملفات والقضايا ذات صلة بإتلاف كوابل الاتصال في أعماق البحار.وأضاف مصدر من المجموعة الإقليمية لحرس الشواطئ، أنه سيتم جمع أكبر قدر من المعلومات حول حادث انقطاع كابل الأنترنت الدولي، من أجل التعرف على المتسبب الرئيسي في تمزيقه.وتشير المعطيات الأولية إلى احتمال ضلوع باخرة شحن أجنبية لم يتم تحديد هويتها في انتظار ما سيسفر عنه التحقيق الميداني والمعلومات التفصيلية التي سيقدمها طاقم الباخرة الفرنسية، باعتبار أن القوات البحرية تحوز على قائمة من البواخر الأجنبية التي عبرت بالقرب من مكان وقوع الحادث الخميس الماضي.ومن جهتها أودعت المديرية العامة لاتصالات الجزائر عن طريق المفوض الجهوي لناحية عنابة، شكوى رسمية لدى وكيل الجمهورية لدى محكمة عنابة، ضد مجهول والتأسيس كطرف مدني حول الضرر الكبير الذي شمل مؤسسة اتصالات الجزائر.وتجدر الإشارة إلى أن الباخرة الفرنسية “ريمون كروز” التابعة لمجمع “أورونج مارين”، شرعت في عملها الميداني سنة 1983، وهي من بين البواخر العالمية، التي صنعت في أوروبا، تتخذ من مرفأ مدينة لوهافر الفرنسية مكانا للرسو، لضمان المناوبة الدولية ضمن المنظمة المتوسطية لصيانة كوابل الاتصالات في أعماق البحار “أم.أو.سي.أم.أ” للقيام بعمليات صيانة وإصلاح الأعطاب التي تمس كوابل الاتصالات في أعماق البحار ويقدر طول الباخرة بـ107 أمتار وعرض يفوق 17 مترا وطاقم يتكون من 40 بحارا و17 تقنيا مدعمين بـ”ربوت آلي”. ”
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات