أخلقة السلطة مقدم على أخلقة الصحافة؟ǃ

+ -

وزير الإعلام على حق حين دعا المؤسسات الإعلامية إلى احترام رموز الدولة.. ومن حقه أيضا أن يهدد بالعقاب كل مؤسسة أو صحفي يتجاوز القانون والأخلاق ويمس برموز الدولةǃ لكن السؤال الذي نطرحه للسيد الوزير هو: أليس من الأفضل أن نعمل أولا على إيجاد رموز للدولة مقبولة قانونا ودستورا وشرعية الوجود؟أولا: هل يعد رمزا للدولة من يبعث بالدستور، ويلغي المؤسسات ويزور الساحة السياسية في البلاد؟ بل الأخلاق المهنية مطلوبة للصحافة.. بل لا توجد صحافة دون أخلاق مهنية، حالها حال أي مهنة أخرى.. فلا وجود لمهنة دون أخلاق مهنية. لكن قبل الحديث عن أخلق الصحافة، ينبغي الحديث عن الأخلاق السياسية في ممارسة الحكمǃ شخصيا أتمنى أن يحكمنا رؤساء وحكام يمثلون فعلا الشعب في الحكم، وبالتالي يكون من واجبنا نحوهم أن نحترمهم كرموز للشعب والحكم والدولة.. لكن الحاصل اليوم هو أننا نفتقر إلى الحاكم الشرعي الرمز الذي ينبغي أن نحرمه من ذاتنا، وليس بتوجيهات أو تهديدات الوزيرǃثانيا: كيف يسمح الرئيس الرمز للدولة والحكومة التي عيّنها والوزير الذي يدافع عنه كرمز ويهدد الناسǃ كيف يسمح بالاعتداء على القانون ويسمح بوجود قنوات تلفزية أجنبية تنشط داخل التراب الوطني وخارج القانون؟ والحال أن الرئيس الرمز الذي يجب أن يحترم قال في أداء اليمين الدستورية وهو يضع يده على المصحف “أقسم بالله العظيم أن أحترم القانون والدستور”ǃ هل من احترام القانون من طرف الرمز أن يسمح بقيام قنوات فضائية أجنبية في البلاد بالنشاط خارج القانون؟ǃالأخلاق الحكومية والوزارية تتطلب من وزير الاتصال أن لا يقول: إن القنوات العاملة في الجزائر بطريقة غير شرعية هي بمثابة القنوات الإعلامية التي “تمارس اللجوء السياسي في الجزائر؟ǃ”.. هل المواطن الجزائري الذي له صفة الصحفي في هذه القنوات يمارس اللجوء الإعلامي أو السياسي كأجنبي في بلاده.. حسب تعبير وزير الإعلام؟ǃنحن مع الوزير: يجب ضرب كل من يمس برموز البلاد دون رحمة.. لكن قبل هذا يجب أن تكون لنا هذه الرموز أولا، يعترف برمزيتها وشرعيتها الشعب أولا.كيف يكون الرئيس رمزا ولا يمس بكتابة الصحافة.. وهو رئيس الجهاز التنفيذي وهو القاضي الأول في البلاد.. وهو المشرع الأول بمراسم.. وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة.. وهو رئيس الحزب الحاكم.. وهو إمام الأئمة في المساجد.. وهو رئيس مجلس الوزراء؟ǃ ما يطلبه ڤرين وجماعته (في هذه الحالة) من الصحافة هو ألا تكتب شيئا؛ لأن ظل الرئيس الرمز يوجد في جميع مناحي الحياة ولم يترك شيئا لم تشمله عنايته، فالأمر يتعلق إذا بغلق الصحافة.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات