يواصل المخرج يحي مزاحم للأسبوع الثالث، تصوير مشاهد الفيلم الروائي الطويل ”لالة زبيدة”، سيناريو حفيظة ممريش، الذي ينتج في إطار ”تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”، حيث اختار لتصوير مشاهده الداخلية أحد البيوت في مدينة البليدة، على أن ينتقل فيما بعد إلى العاصمة وقسنطينة لإتمام المشاهد الخارجية.
تقرّبت ”الخبر” من أجواء تصوير فيلم ”لالة زبيدة” الذي اختار له أحد المنازل ذات الطابع المعماري المميز، لتكون ديكور الفيلم في المشاهد الداخلية. وقد انطلق تصوير الفيلم منذ حوالي شهر، وكانت الزيارة فرصة أيضا للتقرب من الممثلة التونسية سوسن معالج، التي تؤدي الدور الرئيسي ”لالة زبيدة”، رفقة ممثلين تونسيين آخرين، كما التقينا فريق شاب من التقنيين يواصل العمل حتى وقت جد متأخر من الليل، الكل يريد أن يكون الفيلم في مستوى تطلعهم، أمام قلة الإمكانيات التي يربطها المخرج يحي مزاحم بضعف الميزانية وضغط الجهة المنتجة للفيلم، التي تريد من ”لالة زبيدة” أن ترى النور قبل نهاية تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية.التصوير حتى منتصف الليلكانت الأمطار في هذا اليوم من التصوير تغطي سماء البليدة، ورغم ذلك، فإن فريق الفيلم لا يتوقف ويواصل تصوير المشهد، تحت إشراف يحي مزاحم، الذي كان يراقب أدق التفاصيل، لاحظت ملامح الإعياء على وجوه الجميع، كان المنزل ورشة كبيرة، وبدا المخرج جد مهتم بالإضاءة والمؤثرات البصرية، فالفيلم الذي كتبت نصه الكاتبة الجزائرية حفيظة ممريش، يسلّط الضوء على قصة الغيرة بين الزوجة الأولى والثانية، لهذا بدت جدران المنزل بين الظل والنور، تحت إشراف مسؤول الإضاءة ألفريد. تقول الممثلة التونسية سوسن معالج التي تمثل الدور الرئيسي أن هذه المشاركة كانت بالنسبة لها حلم، فهي على عكس أغلبية الممثلات يحلمن بالهجرة إلى الشرق، مصر وسوريا، لديها علاقة خاصة مع السينما المغاربية، كما قالت: ”أعرف أن في الجزائر عدة مخرجين كبار أمثال راشدي، حامينة، وغيرهم وبين الجزائر وتونس تاريخ مشترك ولدينا ثقافة وإحساس مشترك”.الجزائر قبلة الممثلين التونسيينجمعت هذه التجربة السينمائية الروائية الطويلة، ممثلين من تونس والجزائر في بلاطو واحد، لرسم ملامح قصة تاريخية وإنسانية، حيث يؤدي دور الزوج الممثل عبد الحق بن معروف، أين انزوى رفقة الممثلة سوسن معالج لتحضير المشهد، كانا في حالة تركيز كبير وهما يستعدان لتصوير المشهد الأخير للفيلم، لا يوجد ترتيب معين في تصوير المشاهد، وكان لازما على المخرج يحي مزاحم أن يفرغ من تصوير جميع المشاهد الداخلية في أسرع وقت قبل العودة إلى العاصمة، ومنها إلى قسنطينة لتصوير باقي المشاهد الخارجية، يتحدث يحي مزاحم عن ظروف تصوير الفيلم في الجزائر وفي قلبه غصّة كبيرة: ”ضيق الوقت هو أكبر تحد بالنسبة لنا.. يريدون أفلاما كبيرة ولكن دون توفير الإمكانيات”، بهذا الشكل يقف الإنتاج السينمائي الجزائري بين الإدارة ورغبة المبدع في أن يكون العمل مميزا.ينتقل المخرج بين طاولة المونتاج وبلاطو التصوير، أعدت زوايا المنزل كما تبدو خصيصا لفيلم مثل هذا النوع التاريخي الاجتماعي، فهو بالنسبة للسيناريو المكان المناسب لقصة من عمق المجتمع تتحدث عن المرأة القسنطينية في حقب قديمة، تقول الممثلة سوسن معالج عن الدور الرئيسي الذي تمثله، إنها أمام ”مسؤولية كبيرة وخوف، خصوصا أن الفيلم منتج في إطار تظاهرة كبيرة”، وتوضح أنها أحبت الفكرة كثيرا بعد أن أوجدت في قصة الفيلم قضايا المرأة التي ”لم نقل الكثير من الأشياء عنها في العالم العربي”.لا تزال الممثلة سوسن معالج بعد أسبوعين من التصوير في الجزائر، أجواء العمل قريبة من أجواء العمل في تونس، فتجربتها الأولى في الجزائر لم تشعرها بالغربة وقد ”لاحظت أن لدى التقنيين الجزائريين إمكانيات كبيرة خصوصا العنصر الشبابي”. وتؤكد ”هناك فرصة لتصوير أفلام كبيرة في الجزائر أو تونس التي يبقى السائد بها سينما المؤلف، ولا يوجد لدينا ثقافة السينما التجارية، لهذا فالأعمال تبقى قليلة في الجزائر، خصوصا بعد دخول المغرب بقوة كمنافسين للإنتاج السينمائي التونسي...وحديث عن تونس بعد”الثورة”فتحنا على هامش الحديث عن الفيلم، ملف النقاش أيضا حول واقع الفن والإبداع في تونس بعد ”الثورة”، وهنا قالت سوسن معالج ”إن الثورة قامت بالتغيير، لكن لا نستطيع القول أن التغيير إيجابي مائة في المائة، أو سلبي مائة في المائة بالنسبة للمشهد الثقافي الفني، كنا في حالة والحيرة خلال المرحلة الأولى للثورة، وقد احتجنا بعض الوقت لاستيعاب الأمر، حيث أبرزت الثورة التونسية مخرجين شباب قاموا بإنتاج أفلام هامة، حازت على جوائز وتكريمات في مهرجانات كبرى، على غرار مراد بالشيخ، نجيب بلقاضي، نصر الدين سهيلي، هؤلاء كلهم من الجيل الجديد الصاعد في السينما التونسية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات