38serv

+ -

هل تجب الزّكاة في المال المستفاد عن طريق المهن الحرّة كدخل الطبيب والمحامي والنجار وغيرهم من أصحاب الأعمال الحرّة والخاصة، وإن وجبت فما هو نصابها؟ وما هو مقدارها؟ ذهب أصحاب المذاهب الأربعة إلى وجوب الزّكاة في المال المستفاد عن طريق المهن الحُرّة كالطبيب والمحامي لعموم الأدلة الواردة في وجوب الزّكاة وتحقيقًا للعدالة في المجتمع لقوله تعالى: “يا أيُّها الّذينَ آمنُوا أنْفِقُوا من طيّبات ما كسَبْتُم” البقرة:267، ولا شك أنّ كسب الطبيب والنّجار وغيرهما من كسب طيّب، فوجب عليهم الإنفاق منه، وليس من العدل أن تفرض الزّكاة على الفلاح المستأجر إذا أغلت أرضه ما بلغ النّصاب، وأن يترك الطبيب الّذي يكسب من عيادته في اليوم الواحد ما يكسبه ذلك الفلاح بعد عام طويل من خدمة أرضه.إلاّ أنّ الفقهاء وأصحاب المذاهب اختلفوا في شرط حوَلان الحول، فذهب الأئمة الأربعة إلى اشتراطه فقالوا “لا يزكّى مال مستفاد إلاّ أن يحول عليه الحول، فإن كان عنده ما وجبت فيه الزّكاة زكّى الجميع عند إتمام الحول”.وذهب بعضهم ورجّحه الفقهاء المعاصرون إلى عدم اشتراط الحول في وجوب الزّكاة في المال المستفاد، لأنّ الواحد من أصحاب المهن الحرّة قد يربح أموالاً طائلة فينفقها قبل حولان الحول عليها، فلا تجب عليه الزّكاة، وآخر لا ينفقها فتجب عليه الزّكاة، ولا عدل في هذا... بل قد يجعل هذا كثيرًا من النّاس يكسبون وينفقون وينعمون دون أن ينفقوا ممّا رزقهم الله، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: “على كلّ مسلم صدقة”، فقالوا: يا نبيّ الله فمن لم يجد؟ قال: “يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدّق”، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: “يعين ذا الحاجة الملهوف”، قالوا: فإن لم يستطع؟ قال: “فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشرّ فإنّها له صدقة” رواه البخاري ومسلم.والإسلام أوجب الزّكاة فيما بلغ النّصاب وذلك ليتحقّق معنى الغنى الموجب للزّكاة، مع توفّر الشّروط الباقية، قال صلّى الله عليه وسلّم: “لا صدقة إلاّ من ظهر غني” رواه أحمد والبخاري والبيهقي وهو صحيح.ونصاب المال المستفاد اعتبره بعض الفقهاء كنصاب الزّروع والثّمار وهو ما بلغ نصاب خمسة أَوْسُقٍ، واعتبره آخرون ورجّحوه كنصاب النقود، وهو ما بلغ قيمة 85 غرامًا من الذهب وهي 395.250 دج.هل يجوز إعطاء الزّكاة لابن الأخ؟  إن كان ابن أخيك مصرفًا من مصارف الزّكاة المذكورة في قوله تعالى: “الصّدَقاتِ لِلْفُقرَاء وَالمَساكينِ وَالعَاملِينَ عليها وَالمُؤَلَّفَة قلُوبُهم وَفي الرِّقاب وَالغَارمِين وَفي سَبيلِ اللهِ وابْنِ السَّبيل فريضَةً مِنَ اللهِ واللهُ عليمٌ حكيمٌ” التّوبة:60، فيجوز إعطاؤها له.وللمجتهدين المعاصرين تحليل ديني واجتماعي مزدوج لهذه المصاريف، فأدخلوا في مصرف الفقراء والمساكين الأيتام والأرامل والمطلقات والشيوخ والعجزة والمرضى وذوي الدخول الضعيفة وطلبة العلم والعاطلين عن العمل، لكن بشروط من بينها: أن لا يوجد عائل لأيّ منهم ملزم شرعيًا بإعالتهم، وأن لا يكونوا قادرين على الاسترزاق والإنفاق على أنفسهم وعلى أسرهم، وأن لا يكون لأيّ منهم دخل مالي يرفع عنه لقب الفقير والمسكين، والله الموفّق.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات