"الغرب أنشأ الحركات الإرهابية ليدمر سوريا والعراق والجزائر"

38serv

+ -

يرى الدكتور بشار الجعفري، الممثل الدائم للجمهورية العربية السورية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أن المبادرة الروسية ما هي إلا تذكير للدول الأعضاء بالأمم المتحدة بضرورة احترام قرارات مجلس الأمن، كما أوضح في هذا الحوار أن المبادرة الروسية منذ بداية الأزمة هي في الواقع سعي لمكافحة الإرهاب بما يتوافق والتنسيق مع الحكومة السورية، ونوه بالدور الجزائري الذي وصفه بـ”المعتدل” منذ بداية الأزمة في سوريا.كيف يمكنك تحليل خطورة التطرف الإسلاموي في تأجج الأزمة السورية؟❊ اختلفت التسمية لكن الدور لم يختلف، اليوم مثلا، كثيرا من العصابات المسلحة التي تنشط في سوريا، العراق ومصر في سيناء هم أجانب، يعني لم يعودوا عربا، في حين أن أيامالاحتلالين البريطاني والفرنسي كان كل الإخوان المسلمين عربا، اليوم أدخلوا عنصرا جديدا في المعادلة ألا وهو عنصر المسلمين غير العرب وجلبوهم إلى بلادنا وأسموهم ثوارا،معارضة معتدلة، معارضة مسلحة، الجهاديين... الخ، طبعا مستخدمين مصطلحات تفتيتية أكثر مثل الجهاديين السُنة، أو جيش السُنة، حُماة السُنّة... الخ، بقصد تفتيت أكثر من الداخل.كيف يمكن أن يكون الشيشاني والقوقازي والأغوري الصيني، الروسي معارضة سورية معتدلة؟ كيف يُمكن أن تُسمي حركة بوكو حرام معارضة جزائرية معتدلة مثلا؟ كيف يُكمن أن يستقيم هذا مع ذاك، فهم بالأساس ليسوا جزائريين، ومن سمح للغرب أن يُسلح تلك المعارضة وأن يُسميها معارضة مسلحة؟ متى كانت المعارضة مسلحة؟ كيف يُمكن أن تكون معارضة مسلحة في بلد ما؟ لماذا لا تكون معارضة مسلحة في فرنسا، في بريطانيا أو في أمريكا؟ يعني لماذا أعطونا هذا “الامتياز” لنا فقط نحن العرب، أي أن تكون لنا معارضة مسلحة ومدعومة من الخارج، وفي الحين ذاته تُسمى معارضة معتدلة، يعني هذا المنطق النفاقي الخطير الذي أحدثوا فيه اختراقا لمجتمعاتنا مبني على الجهل والتخلف والتطرف، هناك إرث في مجتمعاتنا مبني على ضيق الأفق السياسي.أعطيك مثالا، يجمع بين سوريا والجزائر الأمير عبد القادر الجزائري عندما أتى إلى دمشق بعد أن نفاه الفرنسيون إلى سوريا، أتى إلى دمشق واستقبله السوريون وأضحى سوريا، وأضحى الأمير عبد القادر الجزائري شخصية اعتبارية في المجتمع السوري متفقا عليها، إلى درجة أن السوريين اقترحوا أن يتحول الأمير عبد القادر الجزائري الذي أتانا أخا شقيقا من الجزائر إلى أمير على سوريا، فالأمير عبد القادر كان مسلما وكان مسلما سُنيا بين قوسين، أو كما يُقال بلغة اليوم، ولكنه كان ذا أفق واسع، فهم الإسلام على حقيقته، وأوقف المذبحة التي افتعلها العثمانيون آنذاك في سوريا ولبنان 1840-1860، ولعب دورا مميزا آنذاك مع بقية السوريين المتنورين، فأوقفنا مذبحة مماثلة لما يجري اليوم، هذه المذبحة أوقفها الأمير عبد القادر مع السوريين المتنورين بفضل فهمنا الحقيقي للإسلام، للتسامح الإسلامي، للاعتدال الإسلامي، وفهمنا الحقيقي أن الإسلام دين، ولا يجب الخلط بين الدين وبين إدارة الدولة، الدولة شيء والدين شيء آخر.اليوم ما يجري في سوريا وما يجري في العراق هو عبارة عن عدوان خارجي، وليس فقط تدخلا خارجيا تموله دول الخليج: السعودية، قطر بشكل رئيسي، والمشيخات الأخرى بشكل أقل، تركيا تلعب دور لوجستيك.هل التعاون العسكري السوري - الروسي يمكن أن يمتد زمنيا؟ التعاون السوري - الروسي تعاون تاريخي قديم جدا، فأم الكنيسة الأرثودوكسية الروسية هي سوريا، ولذلك هناك تعاطف مشترك بين البلدين أساسه أن سوريا كانت رأس الكنيسة الأرثودوكسية العالمية، أيام الاحتلال الفرنسي، البريطاني والعثماني لسوريا الكبيرة بالمعنى التاريخي، التي كانت تضم بلاد الشام: سوريا، الأردن، فلسطين وجزءا من العراق وجزءا من تركيا، كانت روسيا تُرسل الإرساليات إلى بلاد الشام لكي تواجه الإرساليات التبشيرية الفرنسية، البريطانية والأمريكية، لكن لم يكن دور الإرساليات الروسية هو بين قوسين التبشير بالمسيحية بين المسلمين كما كان يفعل الغربيون، كان الدور الروسي آنذاك من خلال هذه الإرساليات التبشيرية هو المحافظة على الهوية الارثودوكسية لدى مسيحيي الشرق، فكان فيه وعي روسي مُبكر لمسألة عدم السماح للغرب بالتلاعب بالمكونات المسيحية والمكونات الإسلامية في المشرق العربي. هذه النقطة مهمة جدا، لأن الرأي العام العربي آنذاك، مسلما ومسيحيا، لم يتحسس من الدور الروسي، لم يكن هناك امتعاض من الإرساليات الروسية إلى المنطقة، مثلا أدباء عرب، مثل ميخائيل نعيمة ودريد عويضة، درسوا في المدارس الروسية في القدس وهم من كبار الأدباء العرب، المهم أن علاقتنا بروسيا هي علاقة تاريخية بكل ما للكلمة من معنى، وليس مجرد علاقات تعود لأيام الاتحاد السوفياتي.. لا، نحن علاقتنا تاريخية قديمة وثيقة منهجية.اليوم روسيا، أثناء الأزمة، على مدار أربع سنوات، كانت تقول إن هناك إرهابا في سوريا، وكانت تتفق مع الحكومة السورية بأن هناك إرهابا ومرتزقة أجانب، وكنا عندما نستمع لإحاطتهم في مجلس الأمن كانوا تقريبا يقولون نفس الكلام الذي كنا نقوله، إن هناك إرهابا ومرتزقة أجانب في سوريا ودولا ترعى هذا الإرهاب، وأنه من الضروري تطبيق قرارات الأمم المتحدة وإستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب التي اعتمدت عام 2006. لكن الغرب كان طبعا ضالعا في هذه العمليات وفي استقدام واستجلاب شتات الإرهاب في العالم وقمامة الإرهاب العالمي من عواصم العالم إلى سوريا والعراق، إلى أن ضغطت طبعا سوريا والدول الصديقة في مجلس الأمن والأمم المتحدة باتجاه اعتماد مجلس الأمن للقرارات المشهورة والتي لها علاقة بمكافحة الإرهاب، مثل قرار 1624، 1889، 2178، 2170، 2199، وهذه القرارات اعتُمدت تحت الفصل السابع، بمعنى أنها ملزمة للجميع بما في ذلك الدول التي اعتمدتها. النفاق الغربي هو أن الدول التي اعتمدتها في مجلس الأمن وكلها دول غربية لم تُطبق هذه القرارات واستمرت في دعمها للإرهاب وتسترت على ما يجري في سوريا من تفجير، قتل واغتيالات.كيف لم يحترم الغرب قرارات مجلس الأمن؟ الغرب لم يحترم هذه القرارات وبدأ بتفسيرها تفسيرا انتقائيا، وتفسيرا يخرج عما اتفقت عليه الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بمعنى آخر، الغرب بدأ يقول إن الإرهاب بالنسبة لنا ليس كما هو بالنسبة لدمشق وموسكو، وبدأوا يلعبون بالمصطلحات، يعني نحن ضد الإرهاب، لكن الإرهاب الذي نتحدث عنه ليس بالضرورة الإرهاب الذي يتحدث عنه السوريون والروس وفنزويلا ودول أخرى صديقة في مجلس الأمن، من هنا بدأت المشكلة، بعد 4 سنوات من الأزمة في سوريا، ومن الإرهاب الذي يغذيه الخليجيون والأتراك والأردن والغرب، قام الغرب بحركات أحادية الجانب أنشأوا ما يسمى بالتحالف، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هذا التحالف هو تحالف خارج إطار الشرعية الدولية، لم يتم تشكيله بقرار من مجلس الأمن وفقا للكلام الذي كنا نطالب فيه، والتي كانت تطالب فيه الصين، روسيا وفنزويلا، نحن قُلنا لهم أنشئوا تحالفا لمكافحة الإرهاب في سوريا والعراق بالتنسيق مع الحكومة السورية، لأن الجيش المعني أساسا هو الجيش السوري، الشعب المعني هو الشعب السوري، الضحايا هم سوريون وعراقيون، لم يقبلوا بالتنسيق مع الحكومة السورية والجيش السوري، بل ذهبوا بعيدا في مساعدة، كما قلت، شتات الإرهاب العالمي، الشيشاني، القوقازي، الجورجي، الأغوري، التركي، السعودي، الليبي.الروس قالوا للغرب أنتم منافقون، أنتم لا تحاربون داعش ولا جبهة النصرة، أنتم تريدون تغيير الحكم في سوريا بالقوة، مستخدمين قصة مكافحة الإرهاب كذريعة للقيام بذلك، ولذلك شأننا شأنكم، أنتم أنشأتم تحالفا دون التنسيق مع الحكومة السورية، نحن الآن أنشأنا تحالفا لمكافحة الإرهاب بالتنسيق مع الحكومة السورية، وهو مفتوح لمن يشاء، يعني الروس لم يقولوا أنهم هم الوحيدون الذين سيقومون بمحاربة الإرهاب، بل هم يقولون للجميع من يريد أن يُحارب الإرهاب بشكل صحيح ونزيه فليتفضل، نحن اليوم جاهزون لمكافحة الإرهاب، لكن هذه المرة بالتنسيق مع الحكومة السورية، هناك طيران سوري روسي مشترك يقوم بقصف أهداف الإرهابيين داعش والنصرة وغيرهم، وهناك جيش سوري على البر يقوم بالشيء نفسه، وطبعا مطلوب من الجيش العراقي أن يقوم بالشيء نفسه، ورئيس الوزراء العراقي رحب بالمبادرة الروسية، وقال إنه ليس هناك ما يمنع أن يطلب العراق أيضا مساعدة روسيا لمحاربة داعش والإرهاب في العراق، وهذا يؤكد على أن التحرك الروسي تحرك صحيح وفي مكانه.يعني المبادرة الروسية ليست مشروعا جديدا بقدر ما هي تذكير للدول الأعضاء بضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن؟ نعم، لأن الروسي يشتكي ومعه الصيني، ومعه السوري ومعه الجزائري ومعه عدد كبير من الدول، نحن كلنا نشتكي من أن هذه القرارات التي اعتمدها مجلس الأمن تحت الفصل السابع، لا تُحترم ولا تُطبق، كيف يُمكن أن نحارب الإرهاب بموجب الشرعية الدولية كما يُقال، وهذه القرارات أول من ينتهكها هي الدول الغربية التي وقعت عليها، المسألة أكثر من نفاق، المسألة فيها غدر، وخداع وكذب وفيها التفاف على الشرعية الدولية، إذا كنتم أنتم لا تريدون تطبيق هذه القرارات لماذا اعتمدتموها في مجلس الأمن؟ هذا هو السؤال.السؤال الأخير يتعلق بالجزائر، ماذا تنتظر دمشق من الجزائر.. وهل يمكن للجزائر أن تُساهم في حل الأزمة السورية؟ أولا، الجزائر قادرة على فهم ما يجري في سوريا أكثر من غيرها من الدول العربية، لأنها سبق وأن تعرضت في التسعينيات لشيء مماثل، وإن كان بمقياس مصغر، أتحدث عن تجربة التسعينيات المُرة التي مرت بها الجزائر والتي كانت سوريا آنذاك تقف فيها مع الجزائر ضد الإرهاب الذي ضرب الشعب الجزائري والدولة الجزائرية، فالجزائر جديرة بأن تتفهم آلامنا أكثر من الدول العربية الأخرى، هذه النقطة الأولى.النقطة الثانية، نحن نعوّل كثيرا على استمرار الدور الجزائري الواعي، الناضج والحكيم، داخل ما يُسمى بالجامعة العربية التي لم تعد لا جامعة ولم تعد عربية، لكن للجزائر دورا مهما في الحفاظ على ما تبقى من عمل عربي مشترك لوقف الدول العربية الداعمة للإرهاب في سوريا والعراق.ثالثا، الجزائر كان دورها متوازنا منذ بداية الأزمة في سوريا، وتميزت الجزائر في الحقيقة دائما، برفضها الانضمام لمشاريع القرارات التي كانت تقدمها السعودية وتركيا والأردن وقطر وبقية دول الخليج في الجمعية العامة ومجلس الأمن، فنحن لا ننسى على الإطلاق أن دور الجزائر كان معتدلا، متوازنا، واعيا، قوميا بامتياز، سابقا لعصره، سابقا لغيره من بقية السياسات العربية الخاطئة تجاه سوريا.نحن في كل دورة للجمعية العامة، دائما الوزيران السوري والجزائري يجتمعان، لم ينقطع هذا الاتصال على الإطلاق، وهذا يؤكد المشاعر الطيبة المتبادلة بين البلدين وبين القيادتين برئاسة الرئيسين الأسد وبوتفليقة.رابعا، نأمل طبعا ونتوقع ونحن على ثقة من أن هذا الدور الجزائري سيستمر، سيتوسع وسيتمكن أكثر من فرض صوت العقل والحكمة داخل الاجتماعات العربية، سواء داخل الجامعة أو على المستوى الثنائي، في اتصالات الجزائر مع بقية العرب، السفارة الجزائرية في دمشق موجودة لم تُغلق، السفارة السورية في الجزائر لم تُغلق، هذا يُؤكد، مرة ثانية وثالثة ورابعة وعاشرة، الفهم المشترك بين البلدين للتهديدات الإرهابية التي تواجهنا جميعا كسوريين وجزائريين وكعرب بشكل عام.يعني أن كلا من الجزائر وسوريا لهما فهم مشترك للخطر الإرهابي؟ هناك فهم مشترك للتهديدات الإرهابية، لاسيما وأن الإرهاب الذي انطلق من ليبيا وتونس بدأ يضرب الجزائر، مصفاة النفط التي هجموا عليها، وحركة بوكو حرام والإرهاب التونسي الليبي الذي يدخل إلى الجزائر والذي وصل إلى إفريقيا السوداء كما يُقال، يعني حركة بوكو حرام والإرهاب الإسلاموي الإفريقي، تُماثل في كثير من المظاهر حركة داعش والإرهابيين في سوريا والعراق، فهذه كلها مكونات، فهناك مكون إفريقي وهناك مكون آسيوي وهناك مكون أوروبي وهناك مكون أمريكي، أسترالي، هذه الحركة الإسلاموية ليست عفوية ظهرت فجأة، وإنما نتيجة عمل مخبري استخباراتي غربي على مدى سنوات من الزمن، منذ أيام أفغانستان والمخابر الغربية تتعامل مع الحركة الإسلامية ماضوية متخلفة رجعية لكنها فعالة في مجال الإرهاب، واستخدام هذا الإرهاب ضد الحكومات التي تُناهض الغرب سياسيا في كثير من المسائل، بمعنى آخر، نحن بشكل أو بآخر في سوريا أو الجزائر أو في العراق، ما يجري اليوم من سفك للدماء في سوريا وحرب إرهابية ضد سوريا، هو تصفية حسابات سياسية بين الغرب وبين سوريا.إذن، على حد قولكم، الغرب يستغل هذه الجماعات الإرهابية لتصفيات سياسية؟ الغرب لا يستغل، بل هو الذي أنشأ هذه الحركات ليدمر الدولة السورية والعراقية والجزائرية، هذا الغرب ليس علمانيا، تأكله الأحقاد التاريخية تجاهنا كعرب، ولذلك هو يريد أن يصفي أهدافه معنا، ويحمي، وهنا بيت القصيد، ويُساعد إسرائيل على القضاء على الدولة الفلسطينية وعلى القضية الفلسطينية، وسرقت الأراضي العربية المحتلة وتقويض مبدأ الدولتين في فلسطين. إن كل ما يجري في عالمنا العربي عنوانه الرئيسي حماية مصالح إسرائيل على المدى الطويل.الغرب يقف ضد كل من يقف في وجه إسرائيل، لو قرر الرئيس السوري بشار الأسد التخلي عن الجولان لإسرائيل، لحل الغرب الأزمة السورية في ظرف يوم واحد، ولرأيتم الرئيس السوري يتحدث في هيئة الأمم المتحدة وكأن شيئا لم يحدث، المسألة كلها تتعلق بإسرائيل.  

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات