38serv

+ -

 لا ريب أنّ بين الإسلام والأديان السّماوية تشابهًا في كثير من التّعاليم ومكارم الأخلاق، وذلك ما يؤكّده الإسلام الّذي يصرّح بأنّه لا يفرّق بين أحد من الأنبياء، وبأنّهم جميعًا يبلّغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحد إلاّ الله، وأنّ أتباعهم يؤلّفون أمّة واحدة تعبد الله وحده، وأنّ ما أصاب من تحريف لا بدّ أن يكون من شروح الأتباع من العلماء والأحبار، فلا يد فيه للأنبياء والمرسلين حسب تعبير الأستاذ محمد رشيد رضا رحمة الله.الأثر السياسي:كانت بلاد العرب من النّاحية السّياسية مهيّأة لتقبّل الإسلام، فالحكومات فيها قد انهارت وقامت على أنقاضها حكومات جديدة أنشأت تستمدّ نفوذها عن خارج شبه الجزيرة، والحكومات من حولها خضعت بدورها للأجانب بعد أن كانت قبل خاضعة للعرب، فكان هذا كلّه إرهاصًا طبيعيًا لتقبل الإسلام بأيّ نظام سياسي يفرضه على قبائل العرب الّتي ملّت حياة الـحروب وبدأت تَتُوق إلى الاستقرار.ولمّا جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بدعوته الجليلة دخل النّاس في دين الله أفواجًا، حتّى عمّ الإسلام جميع أنحاء الجزيرة العربية. ووضع النّبيّ الكريم منذ هجرته إلى يثرب النّواة الأولى للحكومة الإسلامية وحصَّنها بالمبادئ العادلة السّامية الّتي تكفل لها الاستقرار.وكان عليه الصّلاة والسّلام رأس هذه الحكومة الّتي بدأت شورية من يومها الأوّل عملاً بقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، وقوله {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}.ولعلّ أوّل مركز اتّخذه الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم لحكومته هو المنطقة المحيطة بقُليب بدر تنفيذًا لرأي أحد صحبه الشبّان المتحمّسين. وطفق عليه الصّلاة والسّلام يقوم بمهمّات الرئاسة، فيؤمّ المسلمين في الصّلاة ويقودهم في الحرب ويصلح بين المتنازعين منهم ويقسّم بينهم الغنائم والفيء والأنفال، واتّخذ كُتَّابًا يُملي عليهم ما ينزل عليه من الوحي ولم يتّخذ للجُند سجلات، فما كانت الحاجة ماسـة بعد إلى الدّواوين. وقد تمّت لحكومة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم معالمها حتّى أمست حكومة العرب كلّها يدين لها الشّرق والغرب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات