38serv

+ -

فضائح شخصية، تصريحات مستفزة، ممارسات دبلوماسية متناقضة وغير متوقعة.. مواصفات طبعت شخصية رئيس جمهورية فرنسا سابقا نيكولاي ساركوزي، ونسجت حولها هالة من التساؤلات والانتقادات السلبية في كل محاولة له لإزعاج أطراف سياسية والتعدي على الشؤون الداخلية للدول العربية. ترشحه للانتخابات الرئاسية كمنافس أمام جاك شيراك سنة 2007 أثار حفيظة الشعب الفرنسي، كون “الرجل” يفتقر لمواصفات تؤهله لرئاسة جمهورية بحجم فرنسا، إضافة إلى أنه وبالمقارنة بالرئيس الفرنسي الأسبق شيراك فحظوظه لتولي الرئاسة خلفا له كانت شبه مستحيلة إن لم نقل منعدمة، إلا أن وزير الداخلية الأسبق ورئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية “نيكولا ساركوزي” استطاع أن يفاجئ الطبقة السياسية والمجتمع الفرنسي الناخب بفوزه في الانتخابات الفرنسية وحصد 53.2% من أصوات الناخبين، وكان ذلك بتاريخ 6 ماي 2007، ليحطم جميع التوقعات ويصبح رئيسا للجمهورية الفرنسية خلفا للرئيس جاك شيراك، متقلدا مهامه رسميا بتاريخ 16 ماي 2007. لكن فترة حكمه لم تتوج بفترة رئاسية ثانية لانهزامه أمام منافسه فرانسوا هولاند، وكانت نقطة سوداء له، باعتباره أول رئيس لا يحظى بعهدة ثانية خلال فترة حكمه الرئاسية منذ 1981.في سابقة لم يشهدها قصر الإليزيهولد نيكولا ساركوزي في 28 جانفي 1955، وهو من أصول مجرية يهودية، تخصص بالقانون التجاري، وتحصل على شهادة الدراسات المعمقة بالعلوم السياسية من جامعة باريس، وهي الشهادة التي تعادل شهادة الماجستير حسب النظام الفرنسي.وفي سابقة لم تشهدها كواليس السياسة بفرنسا، تزوج الرئيس الفرنسي الأسبق من المغنية وعارضة الأزياء كارلا بروني في قصر الإليزيه صباح يوم السبت 2 فيفري 2008 بعد أن طلق زوجته، وراح يتزوج للمرة الثانية أثناء عهدته الرئاسية، وقد قال رئيس بلدية الدائرة الثامنة في باريس فرانسوا لوبيل عبر أثير “إذاعة أوروبا” في تلك المناسبة “لقد زوّجت اثنين من ناخبي الدائرة الثامنة، يقطنان شارع 55 جادة سانت أونوريه” (وهو عنوان قصر الإليزيه الرئاسي).الحياة الشخصية.. خط (ليس) أحمربالرغم من أن حياته الخاصة مليئة ومحفوفة بالفضائح، إلا أنه لا يجد حرجا من إظهارها للعلن، وقد أثار سلوكه نفور المجتمع الفرنسي، عكس كل أسلافه من الرؤساء أمثال جاك شيراك وفرانسوا ميتيران، بل حتى شارل ديغول، وغيرهم ممن آثروا الاحتفاظ بحياتهم الخاصة وعدم إقحامها في مشاهد السياسة.معترك سياسي يتسم بالعنصريةبالرغم من انحداره من المهاجرين لأب مجري، إلا أن خوضه غمار المعترك السياسي قبل أكثر من 30 عاما كان خدمة لطموحه السياسي الموسوم بالعنصرية للوصول إلى رئاسة الجمهورية الفرنسية، وقد تحققت أولى لبناتها بتوليه رئاسة الحزب الحاكم سنة 2004 (الاتحاد من أجل الحركة الشعبية) الذي أسسه جاك شيراك، داعيا المجتمع الفرنسي أن يقطع جميع انتماءاته بالسياسات السابقة بهدف إحداث تغيير في البلاد، ليصبح بذلك الرجل القوي في اليمين الحاكم الفرنسي.ليبرالي بخطاب “شعبوي”تشدقه بأنه “الرجل المنشود” لإحداث تغييرات جذرية لمستقبل فرنسا، ادعاءاته المفرطة واستعراض قدراته على حل جميع مشاكل الفرنسيين بتغيير المشهد السياسي الفرنسي ككل، جعلته محط اتهام بـ “الشعبوية”، وقد أثارت تصريحاته الخارجة عن الخط السياسي للحزب مخاوف بعض ناخبيه، كما أثار موجة أخرى من الاتهامات من طرف خصومه فيما يتعلق بمجمل طرحه، كاستحداث “وزارة للهجرة والهوية الوطنية”، وإبراز تأييده إشراك المقيمين الأجانب في الانتخابات المحلية، أو مثلا الموقف المتناقض والمفاجئ آنذاك، والذي اتخذه تنديدا بـ«أرباب العمل الأنذال”، مع العلم أنه من “معتنقي” النظام الليبرالي.يعتبر ولاء ساركوزي للولايات المتحدة والكيان الصهيوني (إسرائيل) منقطع النظير، عكس أغلب السياسيين الفرنسيين، ما جعل العالم العربي يبدي تحفظات حول مستقبل العلاقات الفرنسية العربية في عهده.عرّاب خراب ليبياتدخل ساركوزي في الثورة الليبية، بعد أن انتُقد لعدم دعمه الثورتين المصرية والتونسية، كان مريبا، خصوصا أنه تكفل بقيادة حرب النيتو على ليبيا وعلى القذافي شخصيا.. تحاملاته المفرطة على الرئيس الليبي أثارت موجة من التساؤلات لدى الرأي العام العالمي، حيث طالب باستقالة العقيد معمر القذافي، كما أن تحركاته الدبلوماسية لإطاحة نظامه بدأت تأتي نتائجها، إذ صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 إيفاء للوعد الفرنسي القاضي بفرض منطقة حظر جوي على طائرات معمر القذافي، وفي 19 مارس 2011 قام سلاح الجو الفرنسي بأولى ضربات قوات التحالف على قوات القذافي.سنة 2012.. نهاية الخيبة السياسيةحصل ساركوزي خلال ترشحه لعهدة رئاسية ثانية على نسبة 48% من أصوات الناخبين، وهي نسبة لم تؤهله للظفر بعهدة ثانية، بهزيمة ثقيلة أمام منافسه فرانسوا هولاند الذي تحصل على نسبة 52% من الأصوات، وبهذا يكون نيكولا ساركوزي آخر القادة الأوروبيين الذين أطاحت بهم الأزمة الاقتصادية بعد اليونان وإسبانيا وإيطاليا.بيتنكور وزياد وسيف الإسلام القذافي.. أسماء في فضائح ساركوزي الماليةداهمت الشرطة الفرنسية بتاريخ 3 جويلية 2012 مكاتب ساركوزي، كجزء من التحقيق حول قضية ضلوعه غير القانوني في تمويل حملته الانتخابية الرئاسية سنة 2007 من وريثة شركة مستحضرات التجميل العالمية “لوريال”، ليليان بيتنكور، ومثل في قصر العدالة ببوردو للإدلاء بإفادته حول القضية عدة ساعات، إلى أن تم تبرئته منها.وفي 1 جويلية 2014، وجه رجل الأعمال اللبناني زياد تقي الدين أصابع الاتهام إلى الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، لحيازته أموالا غير مشروعة مقدرة بـ50 مليون أورو، وأكد التهم الموجهة لديه بدلائل تتمثل في وثائق تثبت صحة ادعاءاته، وهو ما أكده سيف الإسلام القذافي في مقابلة مع “يورو نيوز”، من أن ليبيا قدمت تمويلا للحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية لنيكولا ساركوزي، فقام القضاء الفرنسي بفتح تحقيق سنة 2013 وتم توقيف نيكولا ساركوزي على ذمة التحقيق، وذلك في إطار التحريات والبحث عن حيثيات تهمة استغلال نفوذه بطريقة غير شرعية، بحكم وظيفته كرئيس لجمهورية فرنسا.كراهية ساركوزي للجزائر.. تصريحات استفزازيةتثير تصريحات ساركوزي الاستفزازية واسترساله في الكلام الفارغ نقمة وسخط واستياء أغلب الجزائريين في كل خرجة سياسية له، فقد عرف بإظهار حساسية وكراهية للجزائر، وبالمقابل لا يضيع فرصة للتودد إلى الحركى والأقدام السوداء، ومن بين آخر تصريحاته المستفزة تلك التي دعا فيها إلى مراجعة اتفاقيات إيفيان، حسب ما نشرته صحيفة “لو بوان” الفرنسية، منتهزا عودته المبكرة للترشح للانتخابات الفرنسية التي ستقام عام 2017، محاولا جلب تأييد الرأي العام الفرنسي، حيث قال “يجب مراجعة جميع الاتفاقات مع الجزائر، لأنه قد مضى زمن طويل منذ 1962”، كما سبق له التصريح في مؤتمر صحفي في تونس، والذي أثار موجة من الاستنكار في أوساط الجزائريين قبل نحو شهرين، حيث تطرق إلى الأوضاع المتوترة في تونس وبعض الدول المجاورة، متدخلا فيها عن مستقبل الجزائر وأوضاعها الأمنية الراهنة وقضية التنمية التي يجب أن تعالج في إطار الاتحاد من أجل المتوسط حسب رأيه.أما القطرة التي أفاضت الكأس فهي تصريحاته الأخيرة اللامسؤولة التي ألهبت مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لا تليق بمقام رئيس جمهورية سابق، خلال زيارته لتونس في 20 جوان 2015، بصفته رئيس حزب الجمهوريين الفرنسي المعارض (حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية سابقا) حين قال “تونس التي تتمتع بنظام ديمقراطي حقيقي، تأسف لموقعها الجغرافي بين ليبيا الفوضى وجزائر المستقبل المبهم”.فهل يجرؤ رئيس حزب الجمهوريين على زيارة الجزائر بعد تصريحاته الخرقاء؟ وهل تصريحاته الاستفزازية غرضها تأزيم العلاقات بين الجزائر وتونس؟

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات