+ -

 لا يا سادة، مدني مزراڤ لم يعتذر للرئيس بوتفليقة، بل استبدل تهديده له بإسداء النصيحة، فقال: “أنصح فيها السيد الرئيس.. أذكّره بالعهد والميثاق.!”. وما أتعس بلد كالجزائر حين يصبح فيها أمثال مدني مزراڤ ينصحون الرئيس ويشيرون عليه بسداد الرأي الذي يسير به البلاد؟!مدني هذا يشكر نفسه في رسالته للرئيس أكثر مما يشكر الرئيس: “..أنا العبد الضعيف والجزائري الأصيل والمواطن المنضبط المسؤول”! فإذا كان الانضباط هو رفع السلاح في وجه الأمة فكيف يكون عدم الانضباط إذاً؟! وإذا كانت الأصالة هي تهديد رئيس الجمهورية بالويل والثبور وعظائم الأمور.. فكيف تكون قلة الأصالة؟!قد أكون لا أحسن الكتابة في مثل هذه المواقف، لكن أدّعي أنني أحسن القراءة. !أولا: حالة مزراڤ مع الرئيس بوتفليقة تشبه حالة أبوجرة سلطاني مع بوتفليقة عندما كان وزيرا للدولة.. حين قام سلطاني بتهديد الرئيس بكشف ملفات فساد سربتها له دوائر معادية للرئيس في أجهزة الدولة.. وعندما قام الرئيس “بجذب” أذن أبوجرة عاد وصرح بما هو أسوأ من تهديد الرئيس فقال: إن قضية ملفات الفساد التي تحدثت عنها قد سُويت مع المعنيين على أعلى مستوى. !وهو ما فُهم على أن أبوجرة يتهم الرئيس بحماية الفساد والتستر عليه؟! تماما مثلما يفعل مزراڤ اليوم حين يتهم الرئيس ضمنيا بأنه يعرف حقيقة الاتفاق “السري” الذي عُقد بين (D.R.S) و(A.I.S) ويخفيه عن الشعب الجزائري ويساوم به مزراڤ؟!ثانيا: بعض القراء رجموني كما يرجم الشيطان في منى لأنني لم أدافع عن قناة “الوطن” بعد غلقها، ولم أتضامن مع الزملاء ضد اعتداء السلطة عليهم.. وهذا غير صحيح.. أنا رفضت ربط ممارسات غير إعلامية بحرية التعبير.. فكل الناس يعرفون أن هناك قنوات “ترابندو” فضائي فتحت منابرها لمدني مزراڤ للحديث بعد استقباله في الرئاسة.! ومعنى هذا الكلام أن هذه القنوات فعلت ذلك بتعليمات من السلطة ومنها قناة “الوطن”.. فالأمر إذاً لا يتعلق بمبادرات حرة من هذه القنوات بقدر ما يتعلق بتنسيق بين هذه القنوات والسلطة التي تزوّد هذه القنوات بـ “سيروم” الحياة، وهو الإشهار! كل الناس يعرفون أن هناك شبه تواطؤ بين ملّاك مثل هذه القنوات والسلطة في مدح السلطة والترويج لمشاريعها، مقابل السكوت عن النشاط خارج القانون، لأن هذه القنوات ببساطة ملك لأبناء أو زوجات أو أصحاب أناس نافذين، أعطيت لهم الأولوية لاحتلال الساحة السمعية البصرية.. !ثالثا: الزميل بوساحبة من تبسة على حق حين قال لي : كان علي أن أدافع عن هذه القنوات غير الشرعية.. لأن الأطفال غير الشرعيين لهم الحق في الحياة. لكن لا يجوز أن يفرض علي أي كان بأن أتبنى واحدا من هؤلاء وأسجله في دفتري العائلي مع أبنائي، وإلا أصبحت ضد الحرية والإنسانية وضد حرية الإنسان والتعبير؟!نعم أنا أتضامن مع الصحافيين الشباب الذين كانوا ضحايا بعض ملاك هذه القنوات قبل أن يكونوا ضحايا ظلم السلطة، وأعرف بعمق مرارة الحرمان لأنني تعرضت للتوقيف عن العمل عدة مرات في شبابي وفي كهولتي.. ولم ألم يوما أحدا على أنه لم يتضامن معي.. وأكيد أن حالة الساحة الإعلامية أسوأ من حالة الساحة السياسة والاقتصادية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات