"تفعيل قوة التدخل العسكري في شمال إفريقيا ضروري لمواجهة المد الإرهابي"

38serv

+ -

شدد النائب التونسي في البرلمان الإفريقي منجي الرجوي على أهمية التنسيق في مواجهة الإرهاب ورفع التحدي الذي تواجهه الدول الإفريقية، مشيرا إلى أن تفعيل قوة التدخل لحفظ السلام الخاصة بشمال إفريقيا مهمة بلدان المنطقة لتساهم في مواجهة انتشار التنظيمات الإرهابية وإحلال السلم والاستقرار بالمنطقة. كما انتقد المتحدث العلاقة القائمة بين حركة النهضة في تونس وبعض التنظيمات الإسلامية، على غرار أنصار الشريعة، معتبرا بأن مثل هذه العلاقات تدفع الإرهاب إلى ترصد تونس.كيف تنظرون إلى مقترح تحويل البرلمان الإفريقي من هيئة استشارية إلى تشريعية؟ وهل ذلك ممكن من الناحية العملية، أي أن تقبل الدول الإفريقية بنقل جزء من سيادتها إلى هيئة إقليمية؟ بالنسبة إلى مسألة تحويل البرلمان الإفريقي من هيئة استشارية إلى تشريعية، بمعنى أنها تصدر قوانين ملزمة على عموم البلدان الإفريقي، فإن هذا الأمر مهم جدا ويتطلب إرادة سياسية من قِبل كل الحكومات ورؤساء الدول وجميع أصحاب القرار السياسي في البلدان الإفريقية، لكنني أعتقد بخصوص هذه المسألة أنها ستأخذ وقتا، أي أن الاتحاد الإفريقي لحد الآن لم يلعب دوره كما يجب في هذا المجال من ناحية، ومن ناحية أخرى نعتبر أن الوضع في إفريقيا لم يتهيأ بعد ليصبح فيه البرلمان الإفريقي هيئة تشريعية قادرة على إصدار تشريعات وسن قوانين ملزمة لعموم البلدان الإفريقية، ومع ذلك يمكننا التأكيد على أن هذا الأمر مهم ويتعين أن نذهب إليه، لكنه في اعتقادنا يتطلب وقتا كافيا لتوحيد الإرادات السياسية في مختلف البلدان الإفريقية من أجل المضي قدما نحو تحقيق هذا الهدف. فنحن نعرف مثلا أن البرلمان الأوروبي سلطة حقيقية وهو سلطة ملزمة، وهناك إرادة سياسية موحدة على جميع الأصعدة من المستوى السياسي إلى الاقتصادي والمالي، مثل إحداث بنك مركزي أوروبي وفضاء اقتصادي أوروبي موحد وعملة أوروبية موحدة، وهذا يتطلب وقتا وجهودا مشتركة وإرادة سياسية. ففي إطار هذه التجمعات الإقليمية والدولية والاتحادات التي نراها سواء الاقتصادية أو السياسية والعسكرية، نرى أنه على إفريقيا أن تضع ضمن جدول أعمالها تشكيل اتحاد إفريقي فعلي وحقيقي ليصبح سلطة ملزمة قادرة على أن يكون لديها دور سياسي ناجع، ويمكنها أن تلعب دورها في إيجاد وبلورة موقف إفريقي موحد.تواجه إفريقيا عدة تحديات أمنية، وتم تشكيل قوات تدخل عسكرية تختص بكل منطقة تناط بها مهمة حفظ السلم والأمن. ما الذي يجعل القوة الخاصة بشمال إفريقيا غير عملية لحد الآن؟ بالنسبة للتحديات الأمنية فهي كبيرة جدا، وهي موزعة ومنتشرة في العديد من المناطق والدول، منها مالي والنيجر ونيجيريا والتشاد وليبيا والجزائر وتونس والصومال، ونرى أنه ما أن يوجد الإسلام السياسي ويتم الاقتران بين السياسة والدين إلا وسجل توجه نحو العنف وتبني مجموعات متشددة الإيديولوجية لبث الرعب في هذه البلدان، والتحدي الأمني قائم ومطروح، ما حمل العديد من البلدان على اعتماد هذه الآلية وإيجاد قوات تدخل وقوات جاهزة لمقاومة الإرهاب، مثلما هو الواقع في شمال إفريقيا، ونظرا للوضع السائد خاصة في ليبيا حيث نسجل بأن الدولة متفككة وهناك غياب لأسس الدولة تسمح بإرساء علاقات شراكة، لكن نرى أن هناك ضرورة أن تفعّل في دول مثل تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، لكن نعتقد أن الوضع الأمني في إفريقيا خطير إلى درجة يتطلب تظافر كل الجهود، لاسيما القوى الديمقراطية والمدنية والقوى التي تؤمن بمدنية الدولة وبضرورة توفير حياة كريمة للمواطن.أشرتم إلى ضرورة تفعيل هذه القوة، لكن هل ذلك ممكن من الناحية العملية؟ طبعا الإجراء ممكن وهو مرتبط، فقط، بالقرار السياسي، فالظروف الموضوعية تتطلب أن توجد قوات عسكرية للتدخل مهمتها مقاومة الإرهاب والعنف، وهذه مسألة وضرورة ملحة، وهذا الأمر، أؤكده، يتطلب إرادة سياسية وقرارا سياسيا مشتركا. هنالك من يعتبر أن البرلمان الإفريقي الذي يتم الاستعانة به كمراقب في العديد من الانتخابات يكسب مصداقية، نظرا لحدة الخطاب الذي يتبناه ونوعية التقارير التي يقدمها والتي تتضمن جانب النقد، ما يكسبه مصداقية أكبر. هل هذا الأمر صحيح؟ وما مرد ذلك في نظركم؟ المبدأ الأساسي بالنسبة للبرلمان الإفريقي حينما يساهم في مراقبة الانتخابات أن يقوم بذلك بمستوى من الحيادية، لأننا هنا من أجل بناء الديمقراطية وإرساء مبادئ ديمقراطية حقيقية، وعليه نرى ضرورة أن تكون الانتخابات نزيهة وشفافة وتتوفر فيها المعايير الدولية، وعلى البرلمان الإفريقي أن يلعب دوره في ترسيخ مثل هذه المبادئ. وإذا كان له مثل هذه الصورة على أنه يقدم نقدا وآراء حادة تجاه الانتخابات التي تجرى في القارة، فإن ذلك أمر نعتبره جيدا ولا يمكن إلا أن يكون أمرا يُحسب له. ونحن بحاجة إلى ملاحظين يقدمون تقارير بكل شفافية ونزاهة ويقدمون صورة مثلما هي مطابقة للواقع في مجريات الانتخابات في أي بلد من البلدان، خاصة ونحن ندرك أن أغلب أو العديد من الدول الإفريقية تشكو من ضعف في الممارسة الديمقراطية.نفهم من ذلك أن استعمال مثل هذه الأساليب والأدوات كفيل بالمساهمة في ضمان مصداقية لهيئة تسعى لترسيخ مبادئ الديمقراطية في قارة لا تزال تعاني الحروب والعنف والانقلابات والتهميش والفقر.. طبعا أن تكون هناك خطابات حادة فإن ذلك ملائم للوضع الذي توجد فيه الديمقراطية في إفريقيا، لأن مستوى الديمقراطية في إفريقيا لا يزال ضعيفا ويتطلب خطابات حادة وجريئة، وأن تكون في مستوى من الصراحة لنتعلم أن نقول الحقائق كما هي دون تزوير ودون تلوين ودون أي تجميل. فبقدر ما نقدم الحقيقة كما هي حول سير الانتخابات بقدر ما يشكل ذلك عامل ضغط على البلدان لإحداث ديمقراطية حقيقية وانتخابات حقيقية تكون في مستوى تطلعات الشعوب الإفريقية.هل يعكس التمثيل التونسي التوازنات السياسية القائمة في تونس، وإلى أي مدى سمحت الانتخابات الأخيرة بضمان حراك سياسي؟ بالنسبة للتمثيل التونسي فإنه يعكس طبعا حضور الأحزاب والمكونات السياسية في المشهد السياسي التونسي، خاصة الأحزاب البرلمانية والتي فازت ولديها مقاعد في البرلمان، أما بخصوص الوضع السياسي في تونس فإنه لحد الآن وضع فيه بعض الهشاشة حتى ولو كانت هناك حكومة لديها قاعدة نيابية عريضة، لكن الوضع هش ويتطلب إرادة سياسية وحكومة قادرة على أن ترفع التحديات وتقنع الشعب بأن لديها برامج سياسية، وأن تقدم الحلول الكفيلة بالاستجابة لتطلعات الشعب التونسي ومطالبه التي تبقى كثيرة وأغلبها اجتماعية، لا سيما ما تعلق بمقاومة البطالة والفقر وعدم التوازن الجهوي وهذه تحديات لا تزال عالقة، ونحن بحاجة لحكومة تمتلك برامج اجتماعية تحقق بها مطامح الثورة التونسية والشباب التونسي وتحقق بها مطالب الفئات المهمشة من قبل نظام زين العابدين بن علي وتحقق الرخاء.ما هي قدرة تونس على معالجة المعضلة الأمنية، لاسيما مضاعفات الأزمة الليبية ومنطقة الساحل؟ أعتقد أنه بتوفر سياسة أمنية وتصور أمني، بما فيه الجانب العسكري، يمكن لتونس أن ترفع التحدي، رغم أنه توجد لحد الآن ضربات موجعة مؤلمة، وقوى الأمن تقوم بعمل بطولي من أجل حماية المواطنين وأملاكهم وحرمة البلاد واستقلاله ومناعته، ولدينا ثقة أنه بإمكاننا مقاومة الإرهاب وهزيمته، وسنرفع التحدي إن عاجلا أو آجلا، لكن ذلك يتطلب جرأة سياسية وقرارا سياسيا، لكن التحالف القائم حاليا لا يسمح بذلك، إذ هناك طرف في الحكومة لا يشجع على مقاومة الإرهاب وليس لديه القطع النهائي مع الإرهابي، وهو ما قلناه مرارا.من هو الإرهابي في تونس في نظركم؟ ومن هو الطرف الذي لم يقطع علاقته به؟ بالنسبة إلينا الإرهاب يتمثل في بعض التنظيمات الدموية، مثل “أنصار الشريعة” و«داعش” و«القاعدة”، وهذه المجموعات تريد أن يكون لها موطأ قدم في تونس وهناك من ينشط أيضا في ليبيا. ونحن ندرك أن “أنصار الشريعة” مثلا لم يتم قطع حبل الوصال معهم نهائيا من قِبل حركة النهضة، ونحن ندرك جيدا أن هناك العديد من القيادات الموجودة داخل حركة النهضة لديهم علاقات مع هؤلاء ويناصرونهم ويدافعون عنهم ودافعوا عنهم، حتى من المجلس الوطني التأسيسي بكل وضوح، ونحن نقولها بكل جرأة ولا نخفي ذلك، ولذا فما دامت النهضة لم تقطع علاقاتها نهائيا مع الإرهاب، فإن الإرهاب سيبقى يترصد تونس.                

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات