+ -

تتراءى للمارين على “كورنيش” بلدية بولوغين بناية هشة تآكلت جدرانها وتحطمت نوافذها وأبوابها، ولم يبق منها سوى هيكل يروي أسرار شخصيات مرت من هنا. بناية تروي الصمود أمام وحشية الاستعمار، جرائم أناس دمروا تراثها، وأناس عذبوا دون رحمة وإنسانية بدءا بحارس العاصمة أمير البحار الرايس حميدو إلى روايات عائلات مشردة أوتها البناية، مرورا بمجاهدين ومناضلين قادوا الثورة الجزائرية وحاربوا الاستعمار بكل ما أوتوا من قوة لتكون نهايتهم داخل قبو قصر على شاطئ البحر.

من منا لم يزر ولم يسمع بـ”الشاطو”، “قصر بوعمار”، “القصر المسكون”، “القصر المهجور”، “قصر الرايس حميدو”، كلها تسميات أطلقت على معلم واحد، على مكان يلفه غموض الأساطير وروايات عن مراحل تاريخية مميزة مر بها، عن الأشخاص الذين لهم علاقة بما حدث بين جدرانه وأبوابه المغلقة، كلها روايات عنوانها الصمود والمعاناة.وقفنا أمام القصر حوالي الساعة منتصف النهار، أول ما جذبنا هندسته المعمارية المتفردة، عدد كبير من النوافذ والأبواب، إضافة إلى موقعه الاستراتيجي، فقد بني فوق الصخر يطل مباشرة عل شاطئ “لافيجي”، منظر يحبس الأنفاس، تمتزج فيه زرقة بحر مياه عذراء لم تطلها يد الفساد، أمواج تعانقه في مد وجزر.جلست أمام القصر مجموعة من شباب المنطقة، بادرناهم بالسؤال عن إمكانية الدخول فأجابنا أحدهم “ادخلوا، لكن احذروا فقد يقع على رؤوسكم لأنه لن يصمد أكثر”. استجمعنا عزيمتنا مندفعين بفضول شديد، وبمجرد ولوجنا القصر انتابتنا مشاعر وأحاسيس امتزجت بين الخوف مما سمعنا عنه والحيرة والشوق لمعرفة قصصه، وحسرة على الوضع الذي آل إليه، بعد سنوات من الصمود في وجه وحشية وهمجية الإنسان وقوة وطغيان الطبيعة وأمواج البحر.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات