إنّ مسجد الضِّرار الّذي اتُّخِذ على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكيدة للإسلام والمسلمين والّذي بناه المنافقون بجوار مسجد قباء إثر نصيحة هرقل ملك الروم إلى حميمه اللّعين أبي عامر الّذي بارز بالعداوة وظاهر بها منذ هزيمة الكفار ببدر المباركة.وإنّ هذا المسجد الّذي فرغ منه أصحابه قبل خروج الرّسول صلّى الله عليه وسلّم إلى تبوك، مازال يتّخذ في صور شتى تلائم ارتقاء الوسائل الخبيثة الّتي يتّخذها أعداء هذا الدّين، تتّخذ في صورة نشاط ظاهره للإسلام وباطنه لسحق الإسلام، أو تشويهه وتمويهه وتمييعه، وتتّخذ في صورة أوضاع ترفع لافتة الدّين عليها لتترُّس وراءها وهي ترمي هذا الدّين، وتتّخذ في صورة تشكيلات وتنظيمات وكتب وبحوث تتحدّث عن الإسلام لتخدّر القلقين الّذين يرون الإسلام يذبح ويمحق، فتخدّرهم هذه التّشكيلات وتلك الكتب إلا أنّ الإسلام بخير لا خوف عليه ولا قلق.ولتثق الأمّة الإسلامية أنّ الله مُتِمٌّ نوره ولو كره الكافرون، ولكن ينبغي لها أن تعيد النّظر في تربية أبنائها تربية أصيلة روحية وعلمية تتماشى مع متطلّبات العصر الحديث ومبادئ الشّرع الحنيف وتجعل من مؤسّساتها التربوية والتكوينية بدءًا من المسجد إلى الجامعة ومعاهد البحث العلمي، مصدر إشراق وأنوار وانفتاح لكلّ العلوم.. فينشأ الجيل متوازنًا لا يترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه.وإنّ أهمية أساس التّآخي بين المسلمين الّذي وضعه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم عند مقدمه المدينة يظهر من وجوه: إنّ أيّ دولة لا يمكن أن تنهض وتقوم إلاّ على أساس من وحدة الأمّة وتساندها. ولا يمكن لكلّ من الوحدة والتّساند أن يتم بغير عامل التّآخي والمحبّة المتبادلة، لكن على أساس العقيدة الإسلامية الّتي تضع النّاس كلّهم في مصاف العبودية الخالصة لله، سواسية كأسنان المشط لا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتّقوى والعمل الصّالح. ثمّ إنّ هذا التّعاون والتّناصر في هذا المجتمع السليم قائمان طبق ميزان العدل والمساواة فيما بين الأفراد كافة. فمهما أرادت السّلطة أن تحقّق مبادئ العدالة بين الأفراد، فإنّها لا تتحقّق ما لم تقم على أساس من التّآخي والمحبّة فيما بينهم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات