غاية الوجود الإنساني ومدلول العبادة

+ -

 يتحقّق معنى العبادة ويصبح العمل كالشّعائر والشّعائر كعمارة الأرض وعمارة الأرض كالجهاد في سبيل الله والجهاد في سبيل الله كالصّبر على الشّدائد والرِّضا بقدر الله.. كلّها عبادة، عبادة الّذي آمن بالآمر قبل أن يخضع  للأمر.. فكلّها تحقيق للوظيفة الأولى الّتي خلق الله الجنّ والإنس لها، وكلّها خضوع للنّاموس العام الّذي يتمثّل في عبودية كلّ شيء لله دون سواه، عبودية التّوحيد أوّلًا ثمّ عبودية المعرفة والحرية ثمّ عبودية الحبّ والغرام... ”وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ” البقرة:165. عندئذ يعيش الإنسان في هذه الأرض شاعرًا أنّه هنا للقيام بوظيفة من قبل الله، وقد خلقه على صورته، وأنّه جاء لينهض بها فترة، طاعة لله وعبادة له لا إرب له هو فيها، ولا غاية له من ورائها إلّا الطّاعة، وجزاؤها الّذي يجده في نفسه من طمأنينة ورضا عن وضعه وعمله، ومَن أنس برضا الله عنه ورعايته له، ثمّ يجده في الآخرة تكريمًا ونعيمًا وفضلًا عظيمًا. وعندئذ يكون قد فَرَّ إلى الله حقًّا، يكون قد فرّ من أوهاق هذه الأرض وجواذبها المعوقة ومغرياتها الملفتة.. ويكون قد تحرّر بهذا الفرار من الإوهاق والأثقال وخلص لله تعالى واستقرّ في الوضع الكوني الأصيل، يصبح نجمًا كالنّجوم، ”وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” يس:40، نجمًا يهدي بإذنه تعالى ويقتدى به في ظلمات شتى. وإلى هذا يشير النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حديثه: ”أصحابي كالنّجوم فبأيّهم اقتديتُم اهتديتُم”. يكون عبد الله خلقه الله لعبادته وقام بما خلق له وحقّق غاية وجوده.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: