آباء وأبناء وأزواج يحلّون مشاكلهم بـ “الذبح”!

+ -

انتقلت الجريمة في المجتمع الجزائري من الشارع إلى الأسرة، وأصبح العنف الوسيلة الوحيدة لحل مشاكل العائلة الواحدة، فتجرد الأب من عاطفته ليذبح ابنه بدم بارد، مثلما حدث في سطيف قبل أسبوع، وصدّق زوج شكوكه ليرسل شريكة حياته إلى القبر على غرار الجريمة التي وقعت بتبسة مؤخرا، أو قد يفقد شاب أعصابه لينهي حياة والده في لحظات، مثلما هو الحال في الجريمة التي اهتز لها حي بن عكنون في العاصمة رمضان الماضي، لتكون مصيبة العائلة اثنتان، فتبكي فراق فرد دفنته وآخر زجّ به وراء القضبان.

تعد قضايا الاعتداء على الأصول، أحد أكثر أشكال الجرائم المرتكبة في المحيط الأسري، ويظهر هذا من خلال إحصائيات المديرية العامة للشرطة القضائية في العشرية الأخيرة، حيث بلغ عدد الأشخاص الراشدين والموقوفين بسبب العنف ضد الأصول 31535 شخص، إلا أنها أرقام لا تعكس الواقع، إذ لا تصل شكاوى نسبة كبيرة من ضحايا العنف الأسري إلى المصالح الأمنية، خاصة إذا لم تنته إلى إزهاق روح.لا يزال سكان حي باب الزوار بالعاصمة يتذكرون الجريمة التي راح ضحيتها شيخ في السبعين الصائفة الماضية على يد ابنه الأربعيني. وفي تفاصيل الحادثة، وقع سوء تفاهم بين الضحية وابنه الذي لم يتقبل تدخل والده في أموره الشخصية وعلاقته بزوجته، ليتفاقم الوضع يوم الوقائع، عندها أخرج الابن سكينا وطعن والده أكثر من مرة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وترك جثته ملقاة أمام مدخل العمارة.نفس الجريمة كان حي بن عكنون بالعاصمة في شهر رمضان الماضي مسرحا لها، عندما أزهق شاب روح والده إثر مناوشات وقعت بينهما، حيث حاول الابن أن يحمي والدته من ثورة غضب والده لحظات قبيل أذان المغرب، فحمل سكينا وحاول ترهيبه ليتفاجأ بالدماء تنزف بغزارة من رقبة والده بعد أن أصابه دون أن ينتبه، ورغم محاولته إسعافه ونقله بسرعة إلى المستشفى، إلا أن الموت كان أسبق.وشهدت مدينة بوسماعيل، شرقي العاصمة، السنة الماضية، جريمة مروّعة راحت ضحيتها امرأة خمسينية على يد ابنها الذي يعاني من اضطرابات نفسية، إذ وجّه لها عدة طعنات في أماكن متفرقة من جسمها ورأسها ولم يتركها إلاّ وهي جثة هامدة.الطفل عبد الرحيم.. المأساةجريمة ذبح الطفل عبد الرحيم قرين، ذو 3 سنوات على يد والده، أدخلت كل سكان ولاية سطيف، وحتى باقي ولايات الوطن في حالة ذهول كبير، خاصة بعد اعتراف الوالد المدعو فارس بأنه قتل ابنه بغابة جرمان بضواحي مدينة العلمة، حتى لا يتركه يعيش في أحضان زوجته المطلقة .ولعل من بين أبشع جرائم قتل الأصول التي اهتزت لها ولاية سطيف، تلك التي تورّط فيها شاب في 28 من العمر، عندما قتل أمه التي تجاوزت العقد السادس من العمر بكل برودة دم، فاقتلع عينيها وقطع أذنيها بواسطة سكين، ولم تأخذه الرأفة بها رغم توسلها إليه وتكرارها عبارة “يا وليدي أفطن أنا أمك!”، بل وذهب إلى غاية تهشيم رأسها بواسطة عصا.وفي حادثة مشابهة عرفتها قرية المروج التي تبعد 10 كلم عن مدينة عين الكبيرة شمال ولاية سطيف، أقدم والد على ذبح فلذة كبده التي لم تتجاوز 23 سنة من العمر بسكين. وقعت الجريمة في منتصف النهار وأمام مرآى الجميع، إثر خروج الفتاة “ب.م” من بيت زوج أمها الواقع بحي المروج بحكم أن أبواها منفصلان، حيث التقت بوالدها، وبعد حديث بينهما تطوّر إلى شجار كلامي لم يجد الوالد سوى سل خنجره وطعن البنت على مستوى البطن والفخذ، ثم ذبحها لتسقط الضحية غارقة في بحر من الدماء.تهشّم رأس زوجها وتدفنه في ساحة الدارولاية ميلة هي الأخرى، شهدت خلال السنوات الأخيرة جرائم غير مسبوقة بطلها أصول وفروع، خلّفت مآسي كبيرة وصدمات نفسية غير قابلة للعلاج، كما أنها تسببت في تفكيك أسر وهدم علاقات اجتماعية. ومن أكثر تلك الجرائم التي ارتكبها أفراد من العائلة وذهب ضحيتها رب العائلة، جريمة وقعت منذ سنوات بطلتها زوجة هشّمت رأس زوجها ثم دفنته في ساحة الدار، ولم يكشف أمرها إلا بعد مرور أكثر من 3 أيام. جريمة أخرى اهتزت لها النفوس وخلّفت صدمة وسط المواطنين ببلدية وادي العثمانية، تلك التي كان بطلها زوج كان على خلاف مع زوجته، ولم يجد من حل سوى زهق روح ابنته الرضيعة بعد أن ضربها ضربا مبرحا ثم عضّها بشدة حتى لفظت أنفاسها بصورة مؤثرة.الضرب المبرح يضع حدا لحياة عبد الصمدكان حي عظيم فتيحة بمدينة سيدي بلعباس، يوم 15 أفريل من السنة الجارية، شاهدا على جريمة قتل مشؤومة راح ضحيتها الطفل عبد الصمد الذي لا يتعدى عمره الـ 12 سنة على يد عمه “ق.م.ر” البالغ من العمر 35 سنة إثر الضرب المبرح الذي كان البرعم عرضة له بسبب عدم هضم الجاني للطريقة التي حاولت بموجبها الضحية مخالفة أوامره تنفيذا لما أمر به والد الطفل.ذهب عبد الصمد ذات صبيحة من يوم 15 أفريل 2015 إلى مدرسته الكائنة بمدينة سيدي بلعباس وفي جيبه هاتف نقال كان والده القاطن ببلدية شرقية قد منحه إياه ليتمكن من الحصول على أخبار فلذة كبده كلما تطلّب الأمر ذلك، وهو ما لم يرق لمعلمة الطفل التي احتجزت الهاتف الخلوي بعد أن تكون قد وقفت على اضطراب تركيز التلميذ بسبب تلك الآلة التي كانت بين يديه، مما دفع بالابن عبد الصمد إلى ربط الاتصال بوالده فور عودته إلى منزل الجد، مستعملا الهاتف النقال الخاص بالعم لإشعار الأب بما حصل له مع المدرّسة التي اشترطت حضور وليّ الأمر إلى المؤسسة التربوية. وكان ما دار من حديث بين الابن ووالده كفيل بمغادرة الأول للمقر السكني الخاص بالجد مسرعا إلى الخارج، مما أثار حفيظة العم قبل أن يربط هذا الأخير الاتصال بشقيقه متلقيا أوامر بضرورة توقيف عبد الصمد والإبقاء عليه داخل البيت إلى غاية حضوره. ولم يجد العم من سبيل سوى ملاحقة ابن أخيه، محاولا توقيفه وإعادته إلى البيت قبل أن يجد صعوبات في تحقيق ذلك ليقدم في لحظة غضب بتوجيه ضربات موجعة إلى الصبي سرعان ما أردته قتيلا. وتشير “الرواية الأمنية” إلى هروب الجاني فور تأكده من وفاة الصبي صوب وجهة مجهولة قبل أن يعود ويتسلل وسط جموع الفضوليين ليقف بأم عينيه على هول الفاجعة، قبل أن تباشر تحقيقات دقيقة أفضت إلى تحديد هوية القاتل وفقا للنتائج التي أفرزتها التقارير التقنية والعلمية لتدعم في الأخير كل تلك المعطيات باعتراف صريح من العم.8 جرائم ضد الأصول في ميلة منذ بداية العاموبميلة، شهدت الدورات الجنائية لهذه السنة 168 قضية، منها  8  حالات جرائم قتل الأصول بنسبة 4,76 بالمائة من نسبة الجرائم  بكل  أنواعها، خلال تسعة أشهر فقط.ابن ينهال على والده بساطورولاية بسكرة هي الأخرى، سجلت خلال السنة الجارية جريمتي قتل تتعلق بالأصول، حدثت الجريمة الأولى ببلدية القنطرة، حيث انهال الابن على والده بساطور، والثانية بحي العالية الشعبي بعاصمة الولاية.فالابن البالغ من العمر 27 سنة، تحيّن فرصة نوم والده البالغ من العمر 68 سنة لينهال عليه بساطور في مختلف أجزاء جسمه، خاصة على مستوى الجمجمة دون شفقة أو رحمة، ورغم محاولة إسعافه ووضعه في العناية المركزة، إلا أنه فارق الحياة. والغريب في هذه القضية التي وقعت في مارس الماضي، أن الجاني هو من أبلغ عناصر الشرطة بكل برودة دم، ليدّعي في تصريحاته الأولى، أنه على خلاف وسوء تفاهم دائم مع والده الذي وصل به الأمر، على حد قوله، إلى منعه من أداء صلاة الصبح.أما الجريمة الثانية، فدارت وقائعها بحي العالية والجاني فيها الابن دائما الذي لم يتعد سن 30 عاما، أما الوالد ففاق عمره 77، ولكونهما يقطنان مع بعض، فقد قام الابن بالاستعانة بآلة حديدية ليوجّه بها ضربات قاتلة للأب الذي كان مستلقيا على فراشه ليغرق في الدماء ولم يستطع النهوض منه ليرد على من رباه وحمله عندما كان صغيرا ليفارق الحياة، وتبيّن أن الفاعل يعاني من اضطرابات عقلية حسب شهادات الخبرة الطبية.كما شهدت العشر سنوات الأخيرة بولاية تبسة، عدة جرائم ضد الأصول والفروع، آخرها ما حدث في مدينة بئر العاتر بولاية تبسة بتاريخ 27 سبتمبر 2015، حيث نشب شجار بين زوجين جعل الجاني يفقد أعصابه وينهال على زوجته بالضرب المبرح حتى تراخت قواها واستسلمت لبطشه، ولم يخرج المجرم من دوامة عنفه تلك حتى ارتكب جريمة أبشع، حيث قرر التخلص من زوجته بذبحها باستعمال سلاح ابيض.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات