+ -

ستستقبل الأسر الجزائرية بعد أيّام قليلة حجاج بيت اللّه الحرام، فهل يجوز جمع العائلة على طعام حمداً للّه على عودة قريبهم الحاجّ؟  إنّ الطعام الّذي يصنع عند قدوم القريب من السفر يسمّى النقيعة، وقد ذكر البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه “أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا قدم المدينة نحر جزوراً أو بقرة”، قال البخاري: زاد معاذ بن شعبة عن محارب سمع جابر بن عبد اللّه: “اشترى منّي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعيراً بأوقيتين ودرهم أو درهمين فلمّا قدم صراراً أمر ببقرة فذبحت فأكلوا منها” أخرجه البخاري ومسلم. فالحديث كما ذكر أهل العلم يدل على مشروعية الدعوة عند القدوم من السفر ويقال لهذه الدعوة “النقيعة”.لكن ينبغي التّنبيه على وجوب الابتعاد عن المحرّمات والمخالفات الشّرعية الّتي قد يحتمل الوقوع فيها مثل التّبذير والإسراف، وقد قال تعالى: {إنّ المُبذِّرين كانوا إخوانَ الشّياطين وكان الشّيطان لربِّه كفوراً} الإسراف:27. وقال سبحانه وتعالى: {وكُلوا واشربوا ولا تُسرفوا إنّه لا يُحبُّ المسرفين} الأعراف:31، ومن ذلك اختلاط النّساء بالرّجال فهو محرّم وكذا اللّهو واللّغو.فالحاجّ عاد من مكان مقدّس يرجو من اللّه أن يقبل حجّه وأن يتجاوز عن كلّ خطاياه وأن يستجيب دعاءه، فكيف يهدم كلّ ما بناه طيلة شهر في يوم واحد.ما حكم مَن أدَّى العمرة أو الحج لكن لم يسعفه الحظّ لزيارة المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم؟  نقول إنّ حجّه صحيح، وكثير من النّاس يظنُّون أنّ زيارة المسجد النّبويّ هي من مناسك الحجّ، والأمر على غير ما يظنّ هؤلاء، فزيارة المسجد النّبويّ سُنّة شرعها الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم لصّلاة فيه، فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: “صلاة في مسجد هذا خيرٌ من ألف صلاة في غيره من المساجد إلاّ المسجد الحرام” متفق عليه. وعن عبد اللّه بن زيد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “ما بين بيتي ومنبري رَوْضَة من رياض الجنّة” متفق عليه.لكن ليست من مناسك الحجّ أو العمرة، بل هي مشروعة لذاتها وحدها، مع بقية المزارات بعد المسجد النّبويّ الشّريف، والصّلاة والسّلام على رسول اله صلّى اله عليه وسلّم كالبقيع وأحُد ومسجد قُباء.ما حكم مَن يجد مشقة في الصّلاة قائماً؟ يقول اللّه تعالى: {يُرِيدُ اللّه بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} البقرة:185، ويقول أيضًا: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} الحج:78، وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: “إنّ الدّين يُسر، ولن يشاد الدِّين أحدٌ إلاّ غلبه، فسدّدوا وقاربوا وأبشروا} أخرجه البخاري ومسلم.وقال صلّى اللّه عليه وسلّم لمعاذ وأبي موسى رضي اللّه عنهما لمّا بعثهما إلى اليمن: “يسِّرَا ولا تعسِّرَا وبشِّرَا ولا تنفِّرَا وتطاوعا ولا تختلفَا” رواه البخاري ومسلم، وكان صلّى اللّه عليه وسلّم إذا خيّر بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، والقواعد الفقهية المستنبطة من هذه النصوص وغيرها تقول: “المشقة تجلب التيسير وإذا ضاق الأمر اتّسع، ولا ضرر ولا ضرار”.فهذه جملة من الأدلة على أنّ الدّين الإسلامي مبني على التيسير في أحكامه، وعلى مراعاة أحوال العباد، فالمريض الّذي يشق عليه القيام في الصّلاة ويسبّب له الزيادة في المرض وجب عليه الجلوس ولو على الكرسي، وصلاته صحيحة مقبولة بإذن اللّه، ويأثم إن تسبَّب في أذية نفسه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات