الرئيس بوتفليقة يقرر فتح مشاورات جديدة حول الدستور، دون أن يعلن صراحة بأن المشاورات الماضية فشلت. والرئيس لا يسأل لماذا أجرى مشاورات وفشلت؟ لأن النظام السياسي القانوني الدستوري الجزائري لا يسمح بمساءلة الرئيس عن الفشل، بل يسمح فقط للأحزاب والوزراء والمؤسسات بأن “تشيّت” له عند النجاح وعند الفشل أيضا!أهم شيء في التعديل الدستوري القادم هو إعادة غلق العهدات الرئاسية من جديد، والرئيس وجدها مغلقة ففتحها، بحجة أن الغلق يمس بالمصالح العليا للبلد والمواطن !واليوم يعاد غلق هذه العهدات مرة أخرى، ويسجل ذلك على أنه إنجاز من إنجازات “السلطة الثورية”! ولا أحد يسأل: لماذا فتحت العهدات واعتبرت ذلك “إنجازا”؟ ولماذا تغلق اليوم ويعتبر ذلك “إنجازا”؟والشيء نفسه يحدث أيضا لموضوع نقل بعض صلاحيات الرئيس إلى الوزير الأول، فعمليا عاد الوزير الأول الآن رئيسا للوزراء كما كان في عهد التعديلات الدستورية التي أحدثها الشاذلي وكرسها زروال في دستور 1996 وألغاها بوتفليقة في تعديلات 2008، وهو الآن يمارسها عمليا ويريد إدخالها في الدستور من جديد، ولا يسأل الرئيس لماذا أفسدت الأمر ثم تصلحه الآن؟الأمر تماما يحدث في حكاية سحب مصلحة التحريات من مديرية الأمن الـ«دي آر آس” في عهد توفيق ثم إعادتها من جديد إلى “دي آر آس” في عهد طرطاڤ! ويفعل ذلك الرئيس في المرة الأولى علما أنه من الإنجازات المهمة “للسلطة الثورية” ويتغنى به سعداني وغيره.. ثم تعاد المصلحة إلى سابق عهدها، دون أن يحس أي واحد في الجيش أو الأمن أو الرئاسة أو حتى المعارضة بهذا الأمر الحاصل في القضية؟!الآن يجري “عبث” آخر على مستوى الاقتصاد بين رجال الأعمال، حيث ينوب بعضهم عن السلطة في قصف البعض الآخر بالفساد والرشوة وتهريب العملات إلى الخارج. ترى لماذا لا يسأل حداد من قِبل وكيل الجمهورية عن تصريحاته بخصوص توسطه لربراب لدى وزير الصناعة بوشوارب لأخذ ما ليس من حقه؟! ولماذا لم يسلّم بوشوارب ملف فساد ربراب إلى العدالة وتركه لـ«يشنطجه” به إذا تكلم؟!واضح أن المعركة في سرايا الحكم قد بلغت مداها بين المجموعتين، وأن الجهتين قررتا الاحتكام للرأي العام قبل الاحتكام للعدالة لتصفية جهة للجهة الأخرى. لكن الرأي العام يريد تصفية الفساد في المجموعتين. يريد تشييد دولة المؤسسات والقانون، وليس تشييد دولة العصب المتصارعة بوسائل الدولة ومؤسساتها كالعدالة والأمن والجيش؟!أهم نتيجة لهذه “الهوشة” الجديدة بين الواجهة الاقتصادية للحكام الحاليين هي أن الاقتصاد سيزداد تعطلا بعد أن تعطلت مداخيل البترول، فـ«الهوشة” بين رجال الأعمال ستعطل مسعى السلطة إلى تجاوز الأزمة، ولعل هذا هو المراد تحقيقه من إشعال النار في الواجهة الاقتصادية للحكم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات