+ -

يقال “إن العمر لا يقاس بعدد السنوات، بل بمدى الإنجاز الذي تحققه خلال أيام حياتك، وهو الشيء الوحيد والبصمة الفريدة التي تمنح حياتك تعريفا وهوية تؤرخ لسنوات وتذكر لأجيال قادمة.. الإنجاز وحده من يمنحك السعادة والرضا عن حياتك حين يتقدم بك العمر ويتخلى عنك وهج الشباب”. حين يتملكك الشغف يتآمر الكون كله لتحقيقه، فلا أحد يستطيع إيقافك عن تحقيق حلم ينقلك إلى منتهى السعادة، والطريق الذي تتخذه بعد ذلك يعتبر نزهة في دهاليز العقبات والمعيقات التي تمتاز بها مهنة المتاعب الإعلام والصحافة، تلك كانت الوصفة السحرية للصحفية الفرنسية “كلير شازال” التي تعدّت شهرتها ونجوميتها حدود فرنسا، لتصبح رمز نشرة الثامنة بتقديمها أخبار الساعة الثامنة في قناة “تي أف 1” وذلك لمدة 25 سنة، وكانت نشرة يوم الأحد 13 سبتمبر 2015 آخر نشرة أخبار تقدّمها “كلير شازال” مودعة جمهورها الذي بلغ عدده 10.2 مليون فرنسي حسب تقارير هيئات مختصة في الإعلام وسبر الآراء.مهنتها خارج مجال دراستهاولدت كلير شازال في 1 ديسمبر 1956 في تيار في أوفرن، من أب ميكانيكي شغل بعد ذلك منصب مدرّس ثم إطارا عاليا في المدرسة الوطنية للإدارة في دائرة المحاسبات، أما والدتها فكانت تعمل في سلك التعليم ثم ارتقت كمدرسة مسؤولة في مادة الأدب. مارست شازال الباليه الكلاسيكي كهواية لمدة 15 سنة، ومع أن شهاداتها كانت في مجال التجارة والاقتصاد، حيث انتسبت إلى معهد الدراسات العليا التجارية في باريس وتحصلت على شهادة التخرج سنة 1978، وقبل ذلك تحصلت على شهادات الدراسة المعمقة في الاقتصاد من جامعة بانتيون آساس، إلا أن الطريق الذي سلكته في مجال التجارة لم يحل دون ممارسة شغفها الإعلامي، وكان ذلك سنة 1980 حين بدأت كلير مسارها الصحفي كمراسلة مستقلة لعدة وسائل إعلامية في إذاعة “أوروبا 1” وصحف “لوزين نوفال” و«لكسبونسيون”. لم تكتف بالمبادئ الأساسية للصحافة بل واصلت صقل موهبتها على يد الصحفي المخضرم فيليب تيسون، مالك صحيفة “لو كوتيديان دو باريس”، الذي أطلعها على أسرار التميز الصحفي وكيفية اكتشاف أسلوبها المحض سنة 1981، بعد ذلك ساهمت في الجزء الاقتصادي في الصحيفة المالية “لي زيكو” لصاحبها إميل سيرفون شريبار.من قلم لامع في الصحافة المكتوبة إلى نجمة إعلام في التلفزيوناتنجاحها الباهر وأسلوبها المتميز في الصحافة المكتوبة الذي دام 7 سنوات لم يوحي سوى بظهور نجمة إعلامية في الأفق، وبدأ كل هذا يتجسد على أرض الواقع. ففي سنة 1988 عينت كلير شازال مراسلة كبرى متخصصة في الاقتصاد لدى القناة الفرنسية “آنتان 2”، وخاصة لما يمتاز به تقييمها وتحليلها المذهل لتطورات البورصة، بسبب خلفيتها الاقتصادية التي كانت بمثابة الدعم لقراءات الأسهم مباشرة من قصر “برونيار”.في العام 1989 وضعت أسس “مملكتها” في الأستوديو بتقديم أخبار الـ7:30 لقناة “آنتان2” وذلك في برنامج “تيلي ماتان” ابتداء من سبتمبر 1990 إلى 1991، كما قدمت يوميا وعلى القناة نفسها أخبار الليل بتوقيت متغير يوميا، ومع كل هذا الإبداع لم تكن الجوائز لتخطئها، حيث فازت سنة 1991 بجائزة “7 دور” لأفضل مقدمة أخبار تلفزيونية، وحصلت على جائزة “فارس وسام جوقة الشرف” وجائزة “ريشليو”.حضورها الملفت جعل عدد مشاهديها يرتفع بشدة، ما جعلها شخصية إعلامية ناجحة من مصلحة أي قناة الاستثمار في نجوميتها والاستفادة من عائدات تقدر بملايين الدولارات، وهو الأمر الذي جعل رئيس قناة “تي أف 1”، باتريك لو ليه، ونائبه، إتيان موجوت، يستحضران فكرة تغيير صورة القناة، والتكثيف من الحضور النسائي فيها، ومرد ذلك أن قاموا بالتعاقد مع شازال في ربيع 1991 وذلك لتقديم نشرة أخبار الساعة 13:00 وكذلك 20:00 لأيام نهاية الأسبوع، عوضا عن الصحفي “لاديسلا دو هويو” الذي انتقل بسنة لركن تقديم الصحف.“تي أف 1”.. قناة الاحتكاربدأت كلير شازال بتقديم نشرة أخبار الثامنة مساء أيام الجمعة والسبت والأحد وأخبار 13:00 أيام السبت والأحد وذلك منذ 16 أوت 1991، بعد ذلك عينت رئيسة تحرير الأخبار سنة 1997، وفي 2006 عينت نائب مدير تحرير الأخبار، مكلفة بالتقارير.أما فيما يخص بالبرامج، فإن شازال كانت تقدم برنامج روبورتاج وهو برنامج لأخبار غرفة تحرير “تي أف 1”، وذلك كل سبت بعد الساعة 13:00، وكل يوم أحد منذ ماي 2014 بدأت كذلك بتقديم “غراند ريبورتاج” إلى غاية جانفي 2015، وكذلك يبث مباشرة بعد أخبار الساعة 13:00 وذلك يومي السبت والأحد، مع العلم أنها كانت تشغل منصب مديرة تحرير هذين البرنامجين.مسيرتها المهنية كانت حافلة بلقاءات إعلامية مع رؤساء الجمهورية الفرنسية، ففي سنة 2010 كان لقاؤها الإعلامي مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالتشارك مع ميشال دونيزو ودافيد بوجادا، كذلك في سنة 2012 لكن هذه المرة بالتشارك مع لورون دولاهوس، أما في سنة 2013 قامت شازال بلقاء فرانسوا هولاند مع لورون دولاهوس، وأيضا في 14 جويلية 2015 مع دافيد بوجادا.مهمات جديدة لشخصية عامةترأست النجمة الفرنسية كلير شازال قائمة الاتحاد الفرنسي للعمال المسيحيين في انتخابات مجالس المحاكم في مجلس المحاكم الفرنسية في 3 ديسمبر 2008، وقدمت مادة إعلامية مختلفة وهو برنامج حواري على قناة “بينك تي في” بين سنة 2004 إلى 2007، مساهمة في تأسيسها مع صديقها باسكال هوزلو، كما قدمت وفي هذه القناة بالتزامن مع البرنامج الحواري برنامج “فاس ابينك”. وقدمت أيضا سنة 2006 برنامج “لانترفيو دو كلير شازال” (حوار كلير شازال)، ولكن هذه المرة كانت في وسيلة إعلامية مختلفة تحظى بجمهور عريض على “راديو كلاسيك”، حيث تستقبل كل جمعة شخصية في ركن الأخبار الثقافية والفنية.في مارس 2007 أطلقت الصحفية اللامعة شازال مع 5 صحفيين، هم تينا كيفر وماري دروكير ولورونس فيراري وبياتريس شونبيرغ وميليسيا توري، ما سمي آنذاك “عملية الوردة” مع اليونيسيف، لمساعدة البنات الصغيرات للوصول للتعليم بجمعية “المدرسة للكل”.صوتها الرائع في الإلقاء والمتميز في خامته جعلها تندمج في حياة ثقافية مختلفة فبين 13 مارس و19 يونيو 2007، تصعد كلير شازال كل يوم ثلاثاء على الساعة السابعة على مسرح باريس لقراءة “ليزي موا” (اقرأني) لكاتبتها مارسال سوفاجو، وكذلك قراءتها لنص “لو جورنال دو هيلين” (جريدة هيلين) في مسرح مونبارناس وكان ذلك بين 12 فيفري و22 أفريل 2008، ناهيك عن تسجيل قراءاتها لكتاب “عزيزي دييغو”، “كييلا تعانقك”، “لايلينا بونياتوسكا”، مضفية صوتها الجذاب فكان المنتج كتابا مسموعا صادرا عن “آديسيون دي فام”، مكتبة الأصوات، سنة 2008.شازال.. أيقونة الإعلام الفرنسيكانت حياة الإعلامية شازال حافلة على الصعيد المهني، فقد شاركت في عدة أفلام سينمائية وتلفزيونية كمقدمة تلفزيونية في أغلبها. ففي السينما شاركت سنة 1988 في فيلم “بابارازي” للمخرج ألان بربريون، وفي 2001 في فيلم رائع تماما للمخرج غابريال آغيون، وفي سنة 2004 عنوان الفيلم “الدور الكبير” للمخرج ستيف سويسا، أيضا سنة 2007 في فيلم “غادر بسرعة وعد لاحقا” للمخرج روجيس وارنييه، وسنة 2009 في فيلم “لقد تغير الرمز” للمخرج دانيال تومبسون، وسنة 2011 في فيلم “الفريسة” للمخرج إريك فالي، و«جي سي يسوع المسيح” للمخرج جوناتان زاكاي، وفي عام 2012 شاركت في “ستار80” للمخرجين فريديريك فوريستييه وتوما لانغمان، وفي السنة نفسها في “لكن من الذي أعاد قتل باميلا روز؟” للمخرجين كاد ميراد واوليفييه بارو، وسنة 2013 شاركت في فيلم “الأطفال” للمخرج آنطوني ميرسيانو، وأيضا “الأساتذة” للمخرج بيار فرانسوا مارتان لافار، وكذا “علامة الملائكة التجارية” للمخرج سيلفان وايت.أما أدوارها التلفزيونية فكانت سنة 1995 في السلسلة التليفزيونية “صانع الحبال القاضي والشرطي”، وحلقة “سيسيل طفلي”، سنة 2007 برنامج “لي ستار سو ديباس بور إيلا” على قناة “تي أف 1 “من أجل جمعية “إيلا”، و«من يريد أن يكون مليونيرا”، حلقة خاصة بالجمعيات على قناة “تي أف 1” عدة مرات مكرشحة، وفي 2015 بـبرنامج “لو ديفون” على قناة “فرنسا 3”.كلير شازال.. وداع أنيقكانت شخصية كلير شازال شخصية عامة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لذلك حظيت باهتمام الكتاب والموسيقيين معا، فكتب حولها سنة 2014 كتاب لماري برنار تحت عنوان “كلير شازال.. شغف فرنسي”، أما في مجال الموسيقى فالمجموعة الموسيقية “ليه موسكليه” التابعة لبرنامج “كلوب دوروتي” في قناة “تي أف 1” فخصصت لها أغنية عنوانها “كلير شازال” في ألبوم “لابومب اتوميكفي” سنة 1995. وفي المجموعة الموسيقية “فينومينال كلوب” ذكر اسمها في أغنية “إيل إيه فريمون فينومينال” سنة 1997.ومع كل هذه الضجة التي كانت تتصف بها حياتها، إلا أنه وفي 7 سبتمبر 2015 أعلنت قناة “تي أف 1” رسميا انتهاء تقديم شازال لنشرة أخبار الثامنة لأيام نهاية الأسبوع، حيث بثت في نشرة أخبارها الأخيرة وعلى الساعة الثامنة ليلا تقريرا إعلاميا حول مسيرتها الإعلامية، وفي نهاية الأخبار قامت بشكر المشاهدين والموظفين قائلة “بقي لي أن أشكركم على إخلاصكم لي لمدة 24 عاما. كنت سعيدة جدا وفخورة بالتقديم. كنا قد نسجنا ذلك مع بعض، أظن ذلك، هو رابط قوي جدا وقيّم للغاية بالنسبة لي”، مردفة أنها تشعر بحزن كبير للمغادرة، فهل تستطيع الصحفية المستخلفة آن كلير كودري أن تحطم الرقم القياسي في عدد المشاهدين مقارنة بكلير شازال وتشهد فرنسا ولادة نجمة إعلامية بحجم الإعلامية شازال؟

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات