+ -

عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: “مَرّ عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف رضي الله عنهما وهو يغتسل، فقال: لم أرَ كاليوم ولا جِلدَ مُخبّأة، فما لبث أن لُبِطَ به (صُرِع بسببه وسقط على الأرض)، فأتي به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقيل له: أدرك سهلاً صريعًا، قال: “مَن تتّهمون به؟”، قالوا: عامر بن ربيعة، فقال: “علام يقتل أحدكم أخاه؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبَركة”، ثمّ دعا بماء، فأمر عامرًا أن يتوضّأ، فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، وركبتيه وداخلة إزاره، وأمره أن يصبّ عليه” رواه ابن ماجه. وفي رواية للطبراني وغيره: “فراح سهل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليس به بأس”.تُبرز الحادثة مدى خطورة العين وقوّة تأثيرها وبالغ ضررها؛ فهي ذلك السّهم الّذي لا يُرى بالعيون المجرّدة ولكن يُدرك أثرها من خلال نتائجها الوخيمة، فتجعل السّليم سقيمًا، والقويّ ضعيفًا، والكثير قليلاً، والخصيب قاحلاً، بل هي القادرة على إنزال الفارس عن مركبه، وإيراد الرجل القبر، وإدخال الجمل القدر، كما صحّ بذلك الحديث.ولأنّ العين حقّ، وأثرها نافذ وشرّها واقع، جاءت الأوامر الشّرعيّة والنّصوص النّبويّة لتحذّر النّاس من خطرها، وتدعوهم إلى التحصّن منها، وتبيّن لهم سُبل الوقاية، وكيفيّة رفع بلائها.فقد جاءت الوصيّة من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالتزام الأذكار والأوراد الشّرعيّة في كلّ يوم وليلة، كقراءة آية الكرسي، والدّعاء بقول: “أعوذ بكلمات الله التّامة، من كلّ شيطان وهامّة، ومن كلّ عين لامّة”، وقول: “أعوذ بكلمات الله التامّة من شرّ ما خَلَق”، والمداومة على قراءة سورتي الفلق والنّاس الّتي قال عنهما النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: “ما تعوَّذ متعوّذ بمثلهما” رواه أبو داود.كما جاء التّشديد على ضرورة ذِكْر الله تعالى والدُّعاء بالبَركة عند رؤية المُستحسن من الأمور، فقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يُعجِبُه فليَدْعُ له بالبَركة؛ فإنّ العين حقّ” رواه الحاكم. فإذا وقعت العين، شُرِعَت الرُّقية لدفعها، وقد كان جبريل عليه السّلام يُرَقّي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله: “بِسْمِ اللهِ أرْقِيك مِنْ كلّ شَيءٍ يُؤْذِيك، مِنْ شرِّ كلّ نَفْسٍ أو عَيْنِ حاسدٍ، اللهُ يَشفيك، باسم الله أرقيك” رواه مسلم، ورخّص النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام -كما صحّ عنه- بالرّقى ما لم تكن شركًا.ومن وسائل الاستشفاء من العين، الاغتسال من الماء الّذي توضّأ منه العائن واغتسل به على نحو ما مرّ بنا في الموقف الّذي تناولناه، ولا ينبغي للمسلم أن يمتنع من الاغتسال إذا اتُّهِم بالعين، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: “وإذا استُغسلتم فاغتسلوا” رواه مسلم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات