اقتناء الكلاب في المنازل معصية للربّ وإيذاء للنّاس

+ -

من الظواهر الغريبة المؤذية، المخالفة لحُسن الجوار، المنافرة لحسن المعاشرة، المباعدة للذوق والجمال، المناقضة لروح الحضارة؛ ما شاع من عادة اقتناء الكلاب في الأحياء السّكنية، بل في العمارات! وهي ككثير من العادات الغريبة عن عاداتنا، المخالفة لديننا وشرع ربّنا الّتي انتشرت وظهرت، وجاهر بها النّاس وفاخروا، وتطبّعوا معها فتقبّلوها، وشبّ عليها الصّغير وشاب عليها الكبير؛ فصارت عند كثيرين أمرًا عاديًّا، بل صار إنكاره هو غير العاديّ!! لا والله ما هي بالأمر العاديّ ولا المقبول؛ إنّما هي عادة مرذولة منهيّ عنها أشدّ النّهي. فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: “مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ” رواه البخاري وغيره. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: “مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ” رواه البخاري وغيره.فاقتناء الكلاب واتّخاذها [تربيتها] في البيوت حرام، بل هو من كبائر الذّنوب؛ لأنّ الّذي يقتني الكلاب لغير الصّيد أو حراسة الغنم أو الزّرع ينقص من أجره كلّ يوم قيراطان من الأجر. وقد اختلف العلماء في القيراطين: هل هما كقيراطي صلاة الجنازة واتباعها أو أقلّ منهما؟ لأنّ الجنازة من باب الفضل، وهذا من باب العقوبة، وباب الفضل أوسع من غيره؛ إذ عادة الشّارع تعظيم الحسنات، وتخفيف مقابلها كرمًا منه، ولكن قال كثير منهم: القيراطان هنا كالقيراطين المذكورين في الجنازة. قال صلّى الله عليه وسلّم: “من تبع الجنازة حتّى تدفن فله قيراطان”، قيل: وما القيراطان؟ قال: “مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أحد”.إذًا الّذي يتّخذ كلبًا إلاّ ما استثنى ينقص كلّ يوم من أجره وزنَ جبل كجبل أحد مرّتين من حسناته!! وفي هذا دلالة بينّة على أنّ اتّخاذ الكلاب من كبائر الذّنوب سوى ما استثناه الشّرع من الصّيد والحرث والماشية. وزيادة على هذا، اختلف العلماء لو تعدّدت الكلاب هل تتعدّد القراريط كصلاة الجنازة؟ فقال بعضهم نعم تتعدّد، فمن كان له كلبان نقص من أجره أربعة قراريط، وهكذا!وهنا لا بدّ أن أنبّه على أنّ نقص الأجر لا يَلحق صاحب الكلب فقط بل يشمل أهل الدّار كلّهم؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: “أَيُّمَا أَهْلِ دَارٍ اتَّخَذُوا كَلْبًا إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ صَائِدٍ نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ” رواه مسلم. وهذا زيادة في التّنفير والتّرهيب، وفيها تنبيه للأولياء حتّى لا يتساهلوا في هذا الأمر مع أبنائهم. وعلى كلٍّ: اتّخاذ الكلاب في البيوت ليس فيه أيّ خير أو نفع أو فائدة، وإنّما هو مجموع شرور ومفاسد، من ترويع النّاس والأذى الّذي يلحقهم، إلى امتناع دخول الملائكة البيت الّتي هي فيه. قال صلَّى اللهُ عليه وسلّم: “إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا تَمَاثِيلُ”. هنا يعجب الواحد ممّن يفضّلون صحبة الكلاب على صحبة الملائكة؟!! إلى معصية الله عزّ وجلّ وضياع الأجر والحسنات.والعاقل مَن حرص على ما ينفعه، والسّفيه مَن حرص على ما يَضُرّه!*إمام وأستاذ الشّريعة بالمدرسة العليا للأساتذة

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات