مشكلة التغيير الإيجابي في الجزائر تواجه مشاكل جدية، ليس فقط لأن إرادة التغيير غائبة سياسيا، بل لأن وسائل التغيير وأدواته غير موجودة أيضا. وكل الظروف التي تعيشها البلاد تدفع إلى التخوف من التغيير، لأنه قد يأتي بما هو أسوأ من القائم الآن، سواء على الصعيد السياسي المؤسساتي أو على الصعيد الاقتصادي.الحقل السياسي تصحّر وردُؤَ حتى بات لا يقبل حالة الاعتماد عليه في إحداث التغيير دون أن يكون ذلك نحو الرداءة السلبية الأكيدة، فلا يوجد بين الأحزاب من يملك البديل المقبول لما هو قائم لا في الاقتصاد ولا في السياسة ولا في المؤسسات.. وكل الأحزاب ليس بينها من يعوّل عليه في إحداث التغيير الذي يوفر البديل المقبول، كل الأحزاب بنت استراتيجيتها على أن تكون بديلا للسلطة، ولكن ببرنامج السلطة نفسه، فلا يوجد أفق عند هذه الأحزاب يوفر للشعب ما يطالب به من مؤسسات دستورية شرعية تضمن للشعب حقه في بسط دولة القانون وممارسة الشعب حقه في تعيين المسؤولين وعزلهم بواسطة الانتخاب.منظمات المجتمع المدني غرقت في البزنسة والفساد في التعاطي مع السلطة إلى درجة أن منظمات المجتمع المدني أصبحت هي الأخرى جزءا من النظام الفاسد بشقيه الاقتصادي والسياسي.النقابات والمنظمات المهنية شبه غائبة، وفي حالة وجود بعضهما، فلا يتجاوز هذا الموجود حدود المطالب المادية المحدودة في النوع والكيف، فلا يوجد لدى هؤلاء تصور لبناء جزائر التنمية والرفاه، وكل ما هنالك المطالبة بالفتات المتساقط من موائد الفساد والمفسدين.النخب السياسية والعسكرية والثقافية شردتها السلطة بشتى الوسائل، من التلويث بالفساد إلى التوريط بالمسؤوليات الشكلية إلى القمع بأساليب الترغيب والترهيب.حتى المؤسسة العسكرية التي سبقت الدولة الجزائرية إلى الوجود شاخت هي الأخرى مع ترهل الدولة.. الأفق العام ينبئ بوجود انسداد رهيب في البلاد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات