+ -

هل تعتقدون أن هذا التوقيت الزمني لشن فرنسا أولى الغارات الجوية ضد داعش في سوريا جاء بالصدفة، أم تمت دراسته جيدا ليتزامن في توقيت واحد مع عشية انعقاد أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستخصص حصة الأسد في مناقشاتها للصراع السوري؟ أعتقد أن هذه الهجمات كان مخططا لها، كما تعلمين أنه منذ خطاب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمام الصحافة الفرنسية والعالمية قبل أسبوعين كان قد أشار إلى إمكانية توجيه ضربات عسكرية لداعش، وبالتالي من هذا المنطلق تأتي هذه الغارات، وسوف تدعم أيضا الموقف السياسي الذي تتخذه الحكومة الفرنسية في إطار المشاورات الجارية حاليا في نيويورك، خصوصا أنه وكما تعلمين أن وزير الخارجية الأمريكي كيري يستعد لإطلاق مبادرة من أجل إيجاد حل سياسي في سوريا، وبالتالي هناك توجهات للإدارة الفرنسية في شكل هذا الحل والإعلان عن هذه الضربات الجوية في هذا التوقيت، مما لا شك فيه أنها ورقة يحملها الفرنسيون لمواجهة التدخل الروسي الذي أصبح ظاهرا في الساحة السورية. هل فرنسا قادرة على الوقوف في وجه روسيا المتواجدة في الساحة السورية المساندة للأسد؟ إلى حد الآن كلا من الطرفين فرنسا وروسيا يعلنان عن مواجهتهما ومحاربتهما لتنظيم الدولة الإسلامية داعش أو للإرهاب بصفة عامة، وبالتأكيد هناك خلاف حول رؤية كلا من البلدين حول مستقبل سوريا، ففرنسا تطلب الوقوف أمام التواجد العسكري الروسي في سوريا، إلى حد الآن فرنسا لا تعلن ذلك ولا أعتقد أنها تريد المواجهة العسكرية مع روسيا، ففرنسا لا تريد ذلك هذا من جهة، ومن جهة أخرى الحكومة الفرنسية حريصة على أن يكون أي تحرك فرنسي في إطار إجماع غربي بالدرجة الأولى وأيضا بالتفاهم مع الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا في هذا الصدد ليست وحدها وإنما هي في إطار إستيراتجية غربية، وهناك ضبابية إلى حد الآن، فنحن ننتظر مبادرة كيري لكي نرى الخطوط الأساسية لتوجه السياسة الغربية. ماهي ردود فعل دول التحالف وكيف ترى تدخل فرنسا؟ أعتقد أن دول التحالف الغربية المجتمعة حول محاربة الإرهاب مثل أمريكا، سوف ترحب بتدخل فرنسا عسكريا ضد تنظيم الدولة الإسلامية داعش، لكن ربما القلق سوف يأتي من قبل روسيا وإيران على وجه التحديد، وبالأمس إلى جانب العراق وسوريا أنشئت غرفة عمليات مشتركة، وبالتالي الآن هل هذا التدخل العسكري الفرنسي سيأتي بالتفاهم والتنسيق مع غرفة العمليات المشتركة، خاصة أمام تمسك فرنسا بموقفها الرامي إلى إبعاد الأسد من الحكم؟ الآن هنالك موقف غربي يحاول أن يوجد أرضية مشتركة مع الموقف الروسي الذي أصبح حاضرا بقوة، والمشكلة الأساسية في الموقف الغربي أن السياسة الأمريكية لحد الآن تبدو ضبابية وغير واضحة، طبعا فرنسا أخذت على عاتقها توجيه ضربات عسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، ولكنها بالتأكيد تريد أن تضع إستراتيجية مع الدول الغربية الأوروبية أولا مع بريطانيا وألمانيا، وتريد أيضا أن تجري تفاهما مع الولايات المتحدة الأمريكية، هذا الأمر يجري حاليا في الكواليس وهناك محاولات ولكن لم يتم الكشف عن أي شيء وأن هنالك إستراتيجية غربية أصبحت واضحة فيما يتعلق بالملف السوري.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات