مغتربون بين إغواء الحداثة والتمسك بالتقاليد

38serv

+ -

يقدم فيلم ”حلال مصادق عليه” للمخرج المغترب محمود زموري حالات من الصراع التي تعيشها العائلات المغاربية في الغرب، وهي حالات دائمة من الصراع والتجاذب بين الأصول والتحديث، تضخّمها نزعة الفرنسيين في مطالبة المغتربين بمزيد من الاندماج. سلوكيات الأجيال الجديدة من المهاجرين، ورغم انقطاعهم عن أوطانهم، تظلّ سلوكيات إشكالية، تناولها فيلم زموري في قالب كوميدي.يصوّر فيلم ”حلال مُصادق عليه” (2015) للمخرج الجزائري المغترب محمود زموري، هذا التمزّق الذي تعيشه الأجيال الجديدة من المغتربين وقد ألصق بهم الإعلام الفرنسي تسمية ”الفرانكو ـ مسلمين”. يظهر هذا الصراع في شكل كوميدي اجتماعي عبر التطرّق لمسألة بكارة الفتاة قبل زواجها. ففي إحدى الضواحي الباريسية المعروفة بالتمركز الكثيف للجالية المغتربة، تحاول كنزة (تمثيل حفصية حرزيل) إقناع عائلات المغتربين بلا جدوى إثارة موضوع البكارة.تُنتقد كنزة في الحي بسبب جرأتها، ويصل النقد ذروته حين تظهر في قناة تلفزيونية فرنسية شهيرة وتناقش هذه القضية. هنا، يقرّر شقيقها شريف إرسالها قسراً إلى ”البلد” كي تتزوج من أحد أبناء عمومتها ”عطا الله” الذي يدّعي الالتزام بتطبيق تعاليم الدين الإسلامي. ويردّد شريف أنه يفعل ذلك كي ”يمسح العار الذي ألحقته شقيقته باسم العائلة”.يُفرح هذا القرار ”عطا الله” ويرحّب بالفكرة، لكن ليس بدافع إرجاع قريبته لجادة الصواب، بل رغبة في الحصول على وثائق الإقامة في فرنسا. لم يجد شريف وسيلة لإعادة شقيقته إلى ”البلد”، فيلجأ إلى تخديرها، ويوصلها إلى المدينة الجنوبية على كرسي متحرك، بالكاد تتعرف على ما حولها.في هذا الإطار المكاني الجديد، نكتشف شخصية ”عطا الله”، الرجل المزواج، الذي كان بصدد تطليق زوجته الثامنة. تتوالى في الفيلم المشاهد الكوميدية، فتتحوّل طريقة التحضير للزواج التقليدي إلى مادة سخرية، من الهبة، إلى موكب العرس، وصولاً إلى ليلة الدخلة.ويبدو أن كاميرا زموري وكأنها تخصّصت في مثل هذه النظرة الهزلية للتقاليد منذ فيلمه الشهير ”خُذ عشرة آلاف دينار وارحل”، أو فيلم ”مائة بالمائة آرابيكا” (بطولة الشاب خالد ومامي)، أو فيلم ”سنوات التويست المجنونة”. ويتردّد في وسائل الإعلام الفرنسية بأن فيلمه الأخير ”حلال مُصادق عليه” يقدّم نقداً لاذعاً للمجتمع الجزائري، غير أن المخرج يصرّ على تقديم رأي مغاير، إذ يعتبر أن ”فيلمه يفكّك مجتمع المغتربين وليس المجتمع الجزائري”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات