+ -

إصلاح الدستور أو تعديله يمكن أن يتجه هذه المرة إلى إيجاد الحيل القانونية والدستورية من أجل مواصلة الوضعية غير المعقولة التي عليها مؤسسات الدولة الآن:1- رئاسة شاغرة دستوريا وعامرة بحكم الأمر الواقع، وبفضل التحايل على الشعب، وحكومة تقضي أوقاتها في “الكومة” أكثر مما تقضيها في دراسة ملفات مشاكل البلاد.2- عدالة فيها كل شيء إلا العدالة.. عدالة خاصة للمسؤولين من درجة وزير فما فوق.. فالوزير لا يمثل أمام العدالة الابتدائية حتى ولو سرق نصف خزينة الدولة.. ولابد أن يحال ملفه على المحكمة العليا لتنظر فيه وفقا لتوجيهات رئيس الجهاز التنفيذي.. أي أن المحكمة العليا لا يمكن أن تحاكم أي عضو في الحكومة إذا لم يأمر بذلك الرئيس.ǃ ومن هنا فإن قاضي الوزراء هو رئيسهم أولا ثم القاضي في المحكمة العليا بعد ذلك، هذا قضاء لا يوجد حتى في دولة إيان سميث في جنوب إفريقيا أيام حكم الميز العنصري، وهذا الأمر لا حديث عنه في دستور فخامته خلال 16 سنة من الحكم بهذا الدستور.3- البرلمان أيضا فيه ميز عنصري.. إذ أن الدستور خصص جزءا من المقاعد للرئيس وعددها الثلث ليختار من يراه مناسبا لهذا المنصب، وهو في العادة عملية “إنعام” بفرمان رئاسي على طريقة الدايات في عهد الانحطاط.ǃ الشعب كله عنده الثلثان في مجلس الأمة والرئيس وحده عنده الثلث المعطل.ǃ وكأن الحكومة ليست جهازا معطلا حتى يأتي الثلث الرئاسي في مجلس الأمة ليعطل ما تبقى من عطل في الحكومة.ǃ4- الرئيس وحده نشر ضعف ما يصدر من قوانين عن البرلمان المعطل، ويتم ذلك بواسطة مراسيم لا تناقش.ǃ والحكومة إذا واجهتها صعوبات في إصدار القوانين تلجأ إلى مراسيم الرئيس.. أي أن البرلمان الموجود شكليا يتم أيضا تجميده بواسطة الالتفاف عليه عبر المراسيم، وحل القوانين الحيوية في البلاد تحيلنا موادها الهامة على التنظيم في عملية التطبيق.ǃ ومعنى هذا أن الأمر يخص إبطال مفعول هذه المواد بإسناد تطبيقها إلى التنظيم، وهو ما يعني المراسيم. وهو تحايل آخر على إرادة الشعب أو ما تبقى من إرادة الشعب إن وجدت.5- الدستور الجزائري فضفاض ولكنه في الحقيقة لا يكرس مبدأ السلطة ملك للشعب ويمارسها عن طريق انتخاب ممثليه.. وهو في النهابة، أي الدستور، ليس سوى ترتيبات قانونية لإلغاء حق الشعب في ممارسة تعيين الحكام ومحاسبتهم، ولهذا فإن السيادة بيد الحاكم ويمارسها مكان الشعب وبدون إراداته، ولو فتح نقاش جدي حول الدستور وحول ترسانة القوانين الموجودة حاليا، لظهر للرأي العام جليا أن الدستور ينبغي أن يعاد تأسيسه بالكامل وليس تغييره أو تعديله.. فالتحايل على الشعب بالقانون والدستور أصبح سمة الحكم في الجزائر.. ولا حل لما نحن فيه إلا بإعادة بناء كل شيء من جديد[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات