عزل مدير العدالة العسكرية في وزارة الدفاع بالتزامن مع الأحكام التي أصدرتها المحكمة العسكرية في موضوع حادثة زرالدة، يدل على أن هناك علاقة بين محتوى الأحكام الصادرة في المتورطين في حادثة زرالدة، وبين إعفاء هؤلاء عن مهامهم.الأمر يشبه الحالة التي تم فيها إعفاء رئيس المحكمة العليا، منذ سنوات، بعد حكاية إصدار مذكرة التوقيف ضد شكيب خليل من مجلس قضاء الجزائر، وليس من المحكمة العليا كما كان يفترض أن يتم:أولا: تدخل الجهاز التنفيذي في مسائل العدالة بصيغة الإبعاد أو الإعفاء أو التحويل، يدل على أن العدالة هي مسألة شكلية في بلادنا، وأن ما تقرره السلطة التنفيذية هو الذي يصدر كأحكام !ثانيا: يبدو أن الأحكام التي صدرت ضد المتورطين في حادثة زرالدة لم تعجب السلطة! ولهذا أبعدت المسؤولين في القضاء العسكري عن مسؤولياتهم.. وهذا معناه أن هناك جهات تكون قد أثّرت على العدالة العسكرية لإصدار أحكام مخففة نوعا ما، وهو ما لم يعجب السلطة.. فقامت بتغيير هؤلاء.ثالثا: تزامن هذا الأمر مع ما يقال عن إحداث مجزرة في العديد من الضباط السامين بإبعادهم عن مناصبهم بالعشرات، يدل على أن ما يجري داخل المؤسسة العسكرية ليس بالأمر الهين.. وأن ترتيبات ما لأمر ما يتعلّق بالرئاسيات القادمة يجري الآن على قدم وساق.رابعا: بات واضحا أن العدالة المدنية أصبحت مهمتها هي تسوية الملفات المتعلقة بالفساد، بطريقة ترضي هذا الجناح الذي أصبح متمكّنا من السلطة بطريقة أو بأخرى.. وأن القضاء العسكري أصبح هو الآخر مكلّفا بترتيب ملفات تخص الصراعات داخل المؤسسة العسكرية بطريقة ترضي من يمسك بزمام المؤسسة ويوظف هذا القضاء لضرب خصومه.صحيح أن الفساد بلغ مداها.. لكن محاربة هذا الفساد بفساد أشنع منه في مسائل التعسف في استعمال السلطة، يدل على أن وضع البلاد وفي مؤسساتها الحيوية أصبح لا يبعث على الاطمئنان !البلاد أصبح كل شيء فيها يقرر خارج المؤسسات الدستورية وخارج القانون.. ودور العدالة هو تنفيذ ما يقرر بالبحث عن صيغ قانونية تناسب ما يراد إصداره من أحكام.. يحدث هذا في كل مراحل التقاضي في القضاء.. وإعلان مثل هذه الأخبار المقلقة للرأي العام يدل على أن الأمر ليس على ما يرام.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات