+ -

اقتحمت امرأة في العقد الرابع مستودعا في عمق حي باب الوادي الشعبي بالعاصمة، حيث يعرض ”سمير الشاوي” خرفانا وكباشا للبيع، وشرعت في معاينة الأضاحي بمفردها باحثة عن واحدة تتكافأ مع ما لديها من نقود، فاستقر نظرها على خروف متوسط الحجم، اقتربت منه وفاجأت الجميع بفتح فمه لمعرفة متوسط عمره، غير أنها عادت واستسلمت لإلحاح ولدها الذي يريد ”ذو القرنين”. في جولة استطلاعية عبر نقاط بيع الأضاحي بالجزائر العاصمة، اقتفينا آثار جزائريات كسرن احتكار الرجل في شراء الخرفان و”حشرن” أنفسهن في شراء كبش العيد بتحديد مواصفاته وسعره، بل واشتراطهن صاحب القرون الملولبة ونوع الصوف والعمر.مفاوضات ماراطونيةمنهن من تسوّقن لوحدهن، وأخريات رافقن أزواجهن في اختيار الخروف، غير أن أخريات فرضن رأيهن على رب البيت بعدما استقرت أعينهن على خروف تطابقت مواصفاته مع ما كن يتخيلن وهو ما جرى في إسطبل بأولاد فايت بالعاصمة، حيث روى محمد أن رجلا كان رفقة زوجته وشرعا في تقليب الأضاحي، وبعد فترة وجيزة برز خلاف خفي بينهما بسبب عدم توافق رأييهما حول إحدى الأضاحي، هنا تراجعت المرأة بخطوات في إيحاء بأنها غير راضية بل إنها رافضة.تابع محدثنا معلقا ومبتسما.. ”تراجع الزوج أيضا ودخل في ”مفاوضات” سرية وماراطونية مع الزوجة محاولا إقناعها، غير أنه فشل أمام تشبثها برأيها وإصرارها على شرطها بأن يكون الخروف ذا قرنين وكبير الحجم، وهي المواصفات التي لم تكن تتوفر في الذي اختاره الزوج، هنا عاد الأخير أدراجه مستسلما للأمر الواقع”.ومن النساء، يواصل محدثنا، ”سيدة جاءت بمفردها وبدأت ترمي نظرها يمينا وشمالا في أرجاء الإسطبل، حيث يتدافع الخرفان، وفجأة أشارت بيدها وصاحت مخاطبة صاحب الإسطبل ”اعزل ذلك الخروف وحده لأرى جسمه كاملا”، فتجاوبت معها بسرعة وتيقنت أن المرأة ستشتري وواثقة من نفسها، هنا جهرت لها بالسعر الأخير وما هي إلا لحظات حتى اتخذت قرارها بالقبول، مشترطة تركه في الإسطبل إلى غاية عشية عيد الأضحى”.خبرة في تربية المواشيوفي مستودع سمير الشاوي الذي فتح أبوابه منذ 8 أيام، لم تجد النساء حرجا كبيرا في التوافد عليه يوميا لاختيار أضحية العيد، وهو حال جارة أقبلت تريد الشراء، فوقفت بالمدخل ثم طلبت إزاحة الحواجز حتى تتمكن من الدخول والتجول بالداخل، وبعدما وقع نظرها على أضحية متوسطة الحجم قررت شرائها بكل ثقة في النفس.”وبالمكان ذاته، جاءت امرأة بسكرية، يتابع سمير، وبمجرد أن ألقت النظرة الأولى طلبت فسح المجال لرؤية الأضاحي عن قرب، وما إن دخلت حتى بدأت تتلمس الماشية على ظهروها وعلى مستوى مناطق معينة يدرك الناظر إليها بأن لديها خبرة في ذلك، لتفاجئ الحضور بفتح أفواهها، هنا بادرتها بالسؤال عن المنطقة التي تنحدر منها وعن مصدر خبرتها، فقالت: أنا من منطقة أولاد جلال المعروفة بنوعية مواشيها”.يجمع الكثير من الموّالين ممن تحدثنا إليهم حول طبائع النساء أثناء شرائهن الخرفان، على أن المعاملة تكون مرنة كثيرا مع اللواتي لا يعرفن اختيار الأضاحي إذ تتخذن القرار بسرعة بعد أن تناقش وتجادل في السعر فقط.بالمقابل، قال موّال آخر، هناك من لديهن خبرة في تعيين الأضحية ولهن قدرة على تقليبها ومعرفة سنّها وحالتها الصحية، ناهيك عن نوع الكلأ الذي تناولته، إن كان عشبا طبيعيا أو علفا، بحكم أنها نشأت في أسرة تربي المواشي ولها ثقافة واسعة في المجال.وفي هذه الحالة، أكد محدثنا أن الزبونة تملي شروطها وتأخذ وقتها في الاختيار، كما تناقش وتجادل كثيرا قبل أن تتخذ قرار الشراء.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات