في وقت شدت فيه أنظار العالم إلى تنامي ظاهرة الهجرة السرية للمهاجرين السوريين في أوروبا، وتفتح أغلب نشرات الأخبار التلفزيونية العالمية على أخبارهم ونقل معاناتهم في الجزر اليونانية أو بالمجر، غيبت هذه الأحداث عن الرأي العام الوطني أخبار قوارب الموت التي تقل جزائريين، انطلاقا من سواحل عنابة وبني صاف أو تيبازة نحو السواحل الإيطالية والإسبانية.شبكات الهجرة السرية استغلت شهر رمضان والعيد لتنظيم قوافل “الحرڤة”المهاجـرون الأفارقــة مـن بؤس الساحـل إلى مغامـرة السواحـل أوقفت مصالح خفر السواحل الجزائرية نحو 982 حراڤ حاولوا العبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط باستعمال قوارب صيد أو نزهة عبر عدد من الولايات الساحلية، وتأتي ولايتا عنابة والطارف في مقدمة الولايات التي عرفت عودة الظاهرة بشكل لافت للانتباه، بتوقيف 564 حراڤ، تليها منطقتي بني صاف والتنس بولاية الشلف اللتين ضمتا “حراڤة” من ولاية تيبازة.في وقت انشغل الرأي العام الوطني بتداول أخبار المهاجرين السوريين ومعاناتهم بالقارة الأوروبية، غابت أخبار “الحراڤة” الجزائريين الذين يطاردهم أعوان حرس السواحل الجزائريين بعرض البحر، بعضهم تم توقيفهم وآخرون أوقفوا على مستوى المناطق التي قصدها المهاجرون الجزائريون باليونان وإيطاليا وكذا إسبانيا.وفي هذا الإطار تمكنت مصالح حرس السواحل الجزائرية من توقيف نحو 982 حراڤ بمختلف المناطق التي اعتاد هؤلاء على المغامرة بحياتهم فيها، على رأسها ولاية عنابة التي ذاع صيتها حتى في البلدان الأوروبية.وتشير دراسة لقيادة الدرك الوطني أن شبكات الهجرة السرية الجزائرية بدأت في التوسع وتأخذ أبعادا دولية، إذ ينتظم عدد من الجزائريين في عصابات تتكون من مغاربيين خاصة من تونس وليبيا بالإضافة إلى أوروبيين، وقد كشفت عملية تفكيك شبكتين الأولى في بارما بإيطاليا والثانية في إسبانيا عن انتساب عناصر جزائريين إلى عصابات تهريب البشر وهم حاليا قيد التحقيق القضائي في هذه البلدان. سوريون وأفارقة يبحثون عن مكان في قوارب الجزائريينوكشفت التحقيقات التي قامت بها مصالح الأمن المختصة خاصة الدرك الوطني عن عشرات الحراڤة الأفارقة والسوريين الذين حاولوا امتطاء قوارب “الحرڤة” يمتلكها جزائريون، مقابل دفعهم مبالغ مالية تقدر بنحو 2300 أورو للشخص الواحد، وفي حال وجود ثلاثة أفراد من عائلة واحدة فإنهم يضطرون إلى دفع مبلغ 2700 أورو أي بزيادة تقدر بنحو 400 أورو، وغالبا ما يقع الرعايا السوريون ضحايا لعمليات احتيال من قبل عصابات تهريب البشر، إذ تقبض الثمن دون تمكينهم من السفر، وإن يحجم البعض عن التبليغ لدى مصالح الأمن، فإن آخرين يقدمون على ذلك، وقد تلقت مصالح الدرك عبر عدد من الولايات الساحلية شكاوى في هذا الشأن.وبالرغم من الإجراءات الأمنية المشددة المتخذة عبر عدد من موانئ النزهة والصيد البحري عبر عدد من ولايات الوطن لمنع تنامي ظاهرة “الحراڤة”، وتعرض قوارب الصيد والمحركات للسرقة من قبل بعض العصابات، إلا أن تواطؤ بعض الأعوان ببعض الموانئ ساهم في اختفاء عدد منها، والأخطر من ذلك أنه يتم تهريب هذه المحركات إلى دول الجوار، خاصة بتونس التي عرفت فيها ظاهرة الهجرة السرية ارتفاعا ملموسا في الفترة الأخيرة، وأكثر من ذلك فقد انتقلت لتشمل ليبيا.في وقت أصبح عدد من الشباب الجزائريين يفضلون الانتقال إلى تونس والانضمام لقوافل الهجرة السرية المتجهة إلى السواحل الإيطالية أو حتى بلوغ ليبيا في كثير من الأحيان عبر معبر رأس جدير بتونس. وقد انتهزت عصابات تهريب البشر فترة العطلة الصيفية التي تزامنت مع شهر رمضان، وكذا الأعياد التي ميزتها الحرارة الشديدة لتنفيذ عدة عمليات ومحاولات للهجرة السرية، بعضها كللت بالنجاح، وأخرى اعترضها أفراد حرس السواحل الجزائرية وحتى الأجنبية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات