كل الناس يعرفون أن تأثير الجنرال توفيق في توجيه الأحداث في المؤسسة العسكرية قد تراجع بشكل رهيب، بعد موقفه الغريب من حكاية انتخابات العهدة الثانية لبوتفليقة، عندما اتجهت قيادة الجيش كلها، وعلى رأسها العماري، إلى تبديل “السرج”، ولكن الجنرال توفيق حرّك في آخر لحظة الجهاز الوطني للتزوير ليعمل لصالح بوتفليقة، خلافا للتوجه العام للجيش آنذاك، وتم الأمر بالتنسيق العالي مع وزير الداخلية زرهوني.. وأدت النتائج الرئاسية إلى زلزال في المؤسسة العسكرية، كان إبعاد العماري وفضيل شريف والعديد من الجنرالات أحد مظاهر هذا الزلزال، وبالتنسيق العالي بين بوتفليقة وتوفيق تم تعديل الدستور سنة 2008، ليرتكب توفيق غلطة عمره باسم جهاز المخابرات، حين فضل الدوس على الدستور، بل ونسق مع بوتفليقة إلى حد بعيد لإبعاد وزير الداخلية زرهوني، رفيق توفيق في مخابرات مرباح، وهذا في سياق احتدام الصراع بين مجموعة تلمسان ومجموعة تيزي وزو في عملية اقتسام المصالح والنفوذ على الإدارة والجيش والثروة البترولية، ووصل الأمر إلى حد التراشق بالملفات.. مثل ملفات شكيب خليل في سوناطراك وملفات طونيك والعماري وملفات (B.R.C) وملفات السيار وملفات أخرى أخطر لم تصل إلى الرأي العام بعدǃ وزيادة على ذلك ذبح توفيق نفسه بالآتي:أولا: اعتمد في جهازه على الأيدي الملطخة بالدماء والمتسخة بالفساد، وهي الملفات التي استخدمها ضده وضد الجيش الرئيس بوتفليقة لبسط نفوذه على الجيش والإدارة والمؤسسات..في البداية قال بوتفليقة إن الوصول إلى جنرالات الجيش من طرف الخصوم المحليين أو الأجانب سيتم على جثته.. لكن اليوم أحيل بعض هؤلاء الجنرالات على العدالة بجثة الرئيس وليس على جثته، وفتحت ملفات تيبحرين وتيڤنتورين والعقوبة لبن طلحة والرايسǃ وقبرت ملفات (B.R.C) وسوناطراك والطريق السيار.ثانيا: نحن نعيش الآن وضعا صراعيا بين تلمسان وتيزي وزو يشبه إلى حد بعيد الوضع الذي كان سائدا في خريف 1962، وبوتفليقة يلعب فيه دور بن بلة الذي جمع كل شيء في يده إلى حد أن المجموعة التي أتت به وصفته بالحكم الفردي.. والتاريخ قد يعيد نفسه، وأن الفريق ڤايد صالح يلعب دور الزبيري، قائد الولاية الأولى عام 1962، في إرساء حكم مجموعة تلمسان، ولا أحد بإمكانه أن يتنبأ بمستقبل العلاقة بين بوتفليقة وڤايد صالح، إذا ما أقدم الرئيس على استغلال ظاهرة حكمه الفردي في تقرير خليفته بالطريقة التي يراها مناسبة، كما أنه لا أحد يمكن أن يتكهن بمدى ردة فعل مجموعة تيزي وزو إذا ما أمعن بوتفليقة في ضرب مصالح هذه المجموعة بما يقوي سطوته في فرض من يخلفه بقرار انفراديǃ ولا يمكن أن نتصور أن مجموعة تيزي وزو تقبل بفقدان السلطة مقابل أخذ الثروة، كما هو حال الوضع الآن.. إذن فالبلاد مقبلة على تداعيات خطيرة قد لا تكون في حسبان من يدفع بها إلى هذا المنزلق.ثالثا: إبعاد الجنرال توفيق ليس مسألة مهمة.. لكن إذا امتدت يد المجموعة التلمسانية إلى مصالح أخرى أكثر حيوية لدى مجموعة تيزي وزو، فالأمور قد لا تكون سهلة كما يتصور البعض، وفي هذا السياق يمكن أن نتصور انفلاتا كبيرا قد يتجاوز الانفلات الذي حدث في مصر.. وسيتحول بوتفليقة إلى مبارك.. ويتحول السعيد إلى جمال، ويتحول ڤايد صالح إلى طنطاوي، ولكم أن تتخيلوا من هو مرسي، ومن هو أحمد عز ومن هو السيسي.. إذا عرفنا أن توفيق هو عمر سليمان.. وأن سعداني هو صفوت الشريف. وقد تظهر لنا حتى سوزان مباركǃ وقد تظهر حتى جماعات الفايسبوك، ومن يعتقد أن الأمر جد عاد، عليه أن يتتبع مواقع التواصل الاجتماعي ليعرف ملامح الخطر القادم لا قدّر الله.بعض القراء أعابوا عليّ عدم التعليق على الموضوع في عدد أمس، وقالوا لي عظّم الله أجرك فيما قضاه بوتفليقةǃ والحقيقة أنني لم أهرب من الموضوع، لأنني كتبت العمود قبل أن ينزل الخبر المهم.. وذهبت إلى البيت لأقوم بغسل أواني مطبخ المدام، وعندما سمعت الخبر قررت العودة إلى الجريدة لتغيير العمود، لكن المدام منعتني بحجة أن غسل أواني مطبــــــخها أهم مـــــــن غســـــل بوتفليقة لجهات (D.R.S)[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات