تظلّ هذه الأطياف (هاجر، إبراهيم وإسماعيل) وتلك الذّكريات ترفّ وتتابع، حتّى يلوح طيف عبد المطلب وهو ينذر دم ابنه العاشر إن رزقه الله عشرة أبناء. وإذا هو عبد الله أب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم. وإذا عبد المطلب حريصًا على الوفاء بالنّذر.. ولولا عناية الله وفداؤه بذبح مائة ناقة بعد عشر لضحّى عبد المطلب بابنه عبد الله..العناية الّتي تلت حماية الله لبيته العتيق من كيد أبرهة اللّعين، وإذا قومه من حوله يعرضون عليه فكرة الفداء وإذا هو يدير القداح حول الكعبة ويضاعف الفداء، والقدح يخرج في كلّ مرّة على عبد الله حتّى يبلغ الفداء مائة ناقة بعد عشر هي الدية المعروفة فيقبل منه الفداء، فينحر مائة ناقة وينجو عبد الله. ينجو ليودع رحم آمنة أطهر نطفة وأكرم خلق الله على الله سيّدنا محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ يموت.. فكأنّما فداه الله من الذّبح لهذا القصد الوحيد الكريم الكبير.ثمّ تتواكب الأطياف والذّكريات من سيّدنا محمّد رسول الله ابن الذّبيحين عليه الصّلاة والسّلام وهو يدرج في طفولته وصباه فوق هذا الثرى، حول هذا البيت وهو يرفع الحجر الأسود بيديه الكريمتين فيضعه موضعه ليطفئ الفتنة الّتي كادت تنشب بين القبائل، وهو يُصلّي.. وهو يطوف.. وهو يخطب.. وهو يعتكف.. وهو يفتح النّفوس والبقاع ويكسّر الأصنام والأوثان ويعفو عمّن أذاه ويؤلّف بين القلوب. وإنّ خطواته عليه الصّلاة والسّلام لتنبض حيّة في الخاطر وتتمثّل شاخصة في الضمير يكاد الحاج هناك يلمحها وهو مستغرق في تلك الذّكريات وخطوات الحشد من صحابته الكرام وأطيافهم ترف وترف فوق هذا الثّرى حول ذلك البيت تكاد تسمعها الآذان وتكاد تراها الأبصار.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات