ألمانياعلى خطى إنعاش اقتصادها بالسماح بتدفـق السوريـين

+ -

 قال المحامي وخبير القانون الدولي ورئيس منظمة حقوق الانسان في بريطانيا، الفلسطيني أمجد السلفيتي، إن إصرار اللاجئين على السفر إلى الضفة الأوروبية، رغم خطورة الأمر، دليل على معاناة الشعوب في الدول العربية، وكذا في أفغانستان ودول أخرى إفريقية بالخصوص. أضاف أمجد السلفيتي في تصريح لـ “الخبر”: “الوضع في سوريا مأساوي وبغاية الخطورة، ليست هناك رحمة سواء ممن يسمون بـ “الإسلاميين” أو من الحكومة السورية، هي حالة يأس شديدة في ظل غياب مناطق آمنة، حتى دول الجوار السوري أغلقت حدودها، وتركيا لها أجندات خاصة، واللاجئ السوري يعلم أن في تلك المناطق لا يمكنه الاستقرار والاندماج مع المجتمع بصفة نهائية”.وأكد المتحدث أن اختيار اللاجئين لأوروبا لم يأت من العدم، “الأمر ليس ناتج عن عدم معرفة لدى اللاجئين، بل بعد استفسار حول الأمر، مما يؤكد وجود درجة من الوعي الناتج عن الخبرة والاستشارة مع الآخرين، ومن هناك تأتي “ثقافة القطيع”، مردفا “رغم اختلاف التشريعات والثقافة والدين  في أوروبا، لكن هم يعلمون أنهم في دول تتمتع بأدنى درجات حقوق الإنسان والرعاية، وأكثر مما يتوفر لدى المواطن العربي في دولته ولو كانت آمنة، والأمر راجع للتوزيع المتفاوت للثروات في الوطن العربي”.ومن بين المعايير التي تجعل اللاجئ يختار الوجهة الأوروبية رغم حبه لوطنه، ذكر المحامي “الاقتصاد المتراجع وأمل الشباب الضعيف ومستقبله غير المكفول وغير المضمون في بلده، بينما الدولة الأوروبية غير متقلبة لها سيادة قانون، الفساد أقل والوساطة غير موجودة، إلى جانب أن إمكانية التطور مفتوحة، كلها عوامل تدفعه لاختيار هذه الوجهة، ومنه العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية موجودة، وتفوق ما هو موجود في أفغانستان والدول الإفريقية وسوريا”.وفي رده على سؤال حول الدوافع التي حملت أوروبا على فتح أبوابها أمام المهاجرين رغم الهواجس الأمنية، رد: “من التسعينيات حتى الآن كانت التشريعات تضيّق على اللاجئين، لكن الفترة الأخيرة ورغم التضييق السياسي، إلا أن ما تم مشاهدته من بربرية القصف الوحشي والمعاناة، جعلت الإنسان الأوروبي غير المسيس يقول إن البلد التي يتواجد فيها لها مساحات شاسعة ونقص بعدد السكان، وشعور بنوع من الذنب من كون السلاح الذي يقصفون به يأتي من عندهم ويحرمهم الأمان والأحلام، فكانت مظاهرات واحتجاجات ومعاتبات ومراسلات لاستقبالهم”.وأبرز أمجد السلفيتي، أن هناك معركة تدور بين المواطن الاوروبي وحكومته، “أوروبا تحاول التخفيف من الاحتجاجات وليس حل المشكل”، منوّها بأن “التصريحات السياسية مظللة بعض الشيء فيما يتعلق بالأرقام المقدمة لاستقبال اللاجئين”، مضيفا “الدول الأوروبية المتواجدة على البوابة الشرقية ما زالت تعاني، خاصة تلك التي تعتنق الأرثوذكسية كالمجر، رغم أن الأمر غير مثبّت، لكنه تحليل للبيئة، فالتعصب الديني هناك خلق لديها (الدول الأرثوذكسية) عدم الرغبة في اختراقها من قبل فئة (المسلمين) تاريخيا كانت ثقافتهما في مواجهة مستمرة (في العهد العثماني خاصة)”.من جهته، قال المحامي واستشاري قضايا حقوق الانسان في بريطانيا السوداني علي العجب، في تصريح لـ “الخبر” “لا يُجبر على المرّ إلا الأمرّ”، مشيرا إلى أن توجه الأمواج البشرية من اللاجئين إلى أوروبا رغم الخطورة واستغلال شبكات التجارة بالبشر لهم لعدم الأمان في مناطقهم.وتأسف علي العجب لعدم فتح الدول الأوروبية أبوابها لهم في الوقت المناسب، مردفا “لولا ضغوطات المجتمعات المدنية في تلك الدول لما فتحت أبوابها ولما استقبلتهم بتلك الكثافة، مؤكدا أن ذلك لا يعني تعاون كل الدول الأوروبية مع اللاجئين، على غرار المجر التي تعاملهم بطريقة سيئة ومهينة، ولم تمنحهم الاحترام اللازم، ولم تحترم التزامات القانون الدولي”.على صعيد متصل، أظهر تقرير مفوضية الاتحاد الأوروبي، أن عدد سكان ألمانيا سينخفض من 81,3 مليون نسمة في عام 2013 إلى 70,8 مليون نسمة في عام 2060، أما فيما يتعلق بالشيخوخة، فإن نسبة الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة سترتفع من 32% إلى 59% في عام 2060، أي أنه سيكون هناك ألماني واحد عمره أقل من 65 سنة يعمل ليعيل ألمانياً واحداً عمره أكثر من 65 سنة، كما يُتوقع أن ترتفع تكاليف الرواتب التقاعدية والعناية الصحية طويلة الأمد بنسبة 5% من إجمالي الناتج الوطني الألماني في عام 2060.ويرى الاقتصاديون المتتبعون لقضية اللاجئين، أن الهجرة تبدو مفيدة اقتصاديا لألمانيا، وقد يكون هذا أحد الأسباب غير المعلنة التي تدفع ألمانيا إلى الترحيب باللاجئين من سوريا ومناطق أخرى من العالم.وعلى ضوء المعطيات والأرقام، يمكن القول أن ألمانيا سمحت بتدفق العائلات الشابة من سوريا وغيرها، بحثا عن فائدته غير المعلنة، كونها تعرف أن تلك العائلات ستكافح لأجل إعادة بناء حياتها والإثبات أنها لا تشكل عبئا على الدول المضيفة، بل ستساهم في إنعاش اقتصادها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات