+ -

 استقبل النقاد فيلم “مدام كوراج” للسينمائي الجزائري مرزاق علواش، الذي عرض مؤخرا في تظاهرة “آفاق” بمهرجان “البندقية”، بكثير من الاهتمام والإعجاب، حيث اعتبروه نقلة جديدة في تعامل مرزاق مع الواقع الجزائري، بعد أن صوره إيحاء ورمزا، يسبر أغواره اليوم، ويفضح البؤس والانحرافات الاجتماعية الموجودة في بيئة تتسم بالفقر، رغم غنى البلد. اعتبر بعض النقاد أن الفيلم ظلم حين لم يدرج في المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية. يقول الناقد السينمائي بـ”النهار” اللبنانية هوفيك حربشيان “مرزاق علواش يعود مجدداً إلى البندقية مع جديد عنوانه “مدام كوراج”.. فيلم بسيط يتسرب كالرمل من بين الأصابع لشدة السلاسة التي تتلاحق فيها الحوادث على الشاشة. ويمكن الجزم بأنه كان يستحق أن يُدرج في المسابقة الرسمية لولا الحسابات الغامضة لمبرمجي المهرجان”.  قدم آخرون، بالمقابل، مقارنة واضحة حول تطور الرؤى السينمائية لمرزاق علواش في معالجته للواقع الجزائري منذ فيلمه الأول الذي ظهر من خلاله واشتهر “عمر قتلاتو الرجلة”، حيث إن مرزاق علواش لم يبتعد كثيرا عن الإطار العام للفيلم. يقول ناقد موقع “ بي بي سي” إن أفلام علواش تمثل منذ سبعينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا، سجلا ثريا لمناقشة تحولات المجتمع الجزائري، تختصر المقارنة بين عمر بطل فيلم علواش الأول “عمر قتلاتو الرجلة” 1976 وعمر بطل فيلمه الجديد “مدام كوراج” 2015. الصورة مروعة بين وعود الحداثة النامية وبدايات أزمة الدولة الوطنية في سبعينيات القرن، وواقع اليأس والخراب الذي تؤول إليه الأمور في أيامنا الراهنة.ويرى هوفيك من جانبه أن علواش نجح في اختيار أسلوب الفيلم وشخصية عمر الصبي، فيقول “علواش يختار هنا أسلوب السهل الممتنع لوصف الحالة الأليمة التي ترزح تحتها بلاده منذ زمن طويل.. فالصورة الاجتماعية التي يرسمها قاتمة جداً.. حتى الشريط الصوتي يجعل الحوارات ثانوية وغير مجدية، فهو مشبع بخرافات رجال الدين ومواعظهم”. ويواصل هوفيك “هذا النوع من الشخصيات يجد علواش ضالته فيه، ويعرف التعامل معه وضمه إلى سينما ذات همّ اجتماعي يبلورها منذ سنوات. عمر يحمل سمات يعرف علواش كيفية توظيفها، من الرومنطقية المفرطة إلى القلق فالعنف الدفين. بيد أن الحبكة هنا سرعان ما تأخذ منحى راديكاليا، ربما لأن المرحلة تتطلب مثل هذه الحلول المتطرفة”.  يخلص النقاد إلى أن مرزاق انتقل في نقده للمجتمع الجزائري من المواجهة والفضح وكشف المستور إلى قول الحقيقة المرة دون مساحيق. يقول أحد النقاد “في “مدام كوراج” يضيف علواش حلقة جديدة في سلسلة بحثه وغوصه العميق في أزمة الواقع الجزائري، ممسكا بمبضع جراح ماهر ومسلحا بوعي نقدي حاد، ما يجعل من أفلامه منذ سبعينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا سجلا ثريا لمناقشة تحولات هذا المجتمع”. ويختم هوفيك مقالته بهذه الفقرة “بعد أفلام عدة كانت بدأت ترفع الكلفة بينها وبين الواقع الجزائري، آن أوان الغضب عند مرزاق علواش، زمن مثالي لطرح أفكاره عن البؤس واليأس اللذين يتحكمان بالواقع الجزائري”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات