+ -

 التعسف في استخدام السلطة بلغ مداه في الجزائر.. ووصل في حالات كثيرة إلى إلغاء القانون وتنصيب المسؤول مكانه!في 1996 كنت أسير بسيارتي عبر الشارع الرابط بين وزارة الدفاع والأبيار، وتوقفت لشراء جريدة، فإذا بالشرطي يأمرني بتسليمه الوثائق الخاصة بالسيارة ويقول لي: انقل السيارة إلى المحشر.. عقابا لي على التوقف في ركن من الشارع، رغم أن الشارع ليس به إشارة تمنع التوقف.اتصلت بالصديق المرحوم رشيد رحيم، وكان مسؤولا مركزيا في المديرية العامة للأمن الوطني، لأستفسر عن هذا الإجراء غير القانوني الذي اتخذه الشرطي ضدي بلا سبب وبلا قانون.. وما هي إلا دقائق حتى اتصل بي رشيد مجددا ليقول لي: إن الأمر يتعلق بإجراء اتخذته وزارة الدفاع، وبالتحديد اتخذه المرحوم الجنرال العماري لمنع التوقف في هذا الشارع.. لأن الإرهابيين كانوا قد فجروا سيارة ضد سيارة الجنرال وزير الدفاع نزار.. وهجموا في السكالة من سيارة متوقفة هناك على الجنرال بن علي ونجا منهم بأعجوبة، ولهذا منعوا التوقف في هذا الطريق.قلت لمحدثي لو كنت أعلم أن هذا الشارع يسير فيه العماري ونزار لما سرت فيه أصلا فضلا عن التوقف فيه!منذ أيام شنت مصالح الشرطة حملة ضد أصحاب الدراجات النارية.. كانت أسباب الحملة المعلنة هي أن الدراجات النارية لا تحترم قوانين المرور بالشكل الكافي، وبالتالي تتسبب في العديد من الحوادث.. لهذا كان مبرر قيام الحملة ضدها مسألة مقبولة ومعقولة!لكن الحملة طالت واستطالت واتخذت أبعادا أخرى جعلتني أحشر أنفي في الموضوع.. وتبين أن الأمر وراءه أسباب أخرى.. وهي أن أحد المسؤولين تناهى إلى علمه بأنه مستهدف من طرف من يستهدفه بواسطة دراجة نارية! ولهذا كانت الحملة ذات ديمومة واتجهت إلى إبعاد الدراجات النارية من السير في الطريق الذي يسلكه المسؤول حتى ولو كانت الدراجات النارية تستخدم وتحترم قوانين المرور! تماما مثلما حدث لي في موضوع السير في السكالة عبر الطريق الذي يسلكه الجنرال!في الدول المدنية ذات الأنظمة القانونية يتعسف المسؤول ضد  من يخرق القانون.. أما عندنا فيتعسف المسؤول ضد المواطن حتى ولو كان تصرفه مطابقا للقانون.. لأن المسؤول الذي بيده القوة القاهرة يمكن له أن يستخدمها ضد المواطن بالتعسف الذي يراه مناسبا.الطريف في الموضوع هو أن قضية تهديد أمن المسؤول بواسطة الدراجة النارية كانت في أساسها كذبة قام بها أحد الشبان ضد شاب آخر من أبناء المسؤولين، حسده في امتلاك دراجة نارية غير عادية، فأطلق الشاب هذه الإشاعة لإزعاج هذا الشاب وأصحابه الذين يمتلكون هذه الدراجات غير العادية.. ولكن الأمر وصل إلى حد الإساءة للذين هم غير معنيين بهذه القضية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات