كتبت منذ 20 سنة تقريبا أصف الانفتاح الاقتصادي الجزائري المشبوه بأنه استبدال “المنوبول” بـ”المنوفول”! وهز المقال العديد من المسؤولين ومنهم الراحل علي كافي فهتف لي قائلا: ابتعد عن مثل هذه الموضوعات في مقالاتك حتى لا تتعرض للتصفية الجسدية.. فأصحاب المال الفاسد إذا هددت مصالحهم لن يسكتوا ويمكن أن يخسروا عليك مليارا واحدا لتجد نفسك شهيدا تحت عجلات شاحنة زبالة! وتسجل القضية بين حوادث المرور وقضاء وقدرا.اليوم بعض القراء، سامحهم الله، حذروني من التخلاط في رجال السلطة، سواء المتقاعدين أو العاملين، من خلال الحديث عن عدم شرعية صندوق التقاعد الخاص بالإطارات.أولا: ليست الجزائر وحدها من ابتدع مثل هذا الصندوق الخاص بتقاعد المسؤولين في الدولة.. بل حتى تونس بن علي أنشأت هي الأخرى صندوقا لتقاعد الإطارات بنفس صيغة صندوق الجزائر.. ولعل الأشقاء في تونس أخذوا الفكرة من الجزائر... لكن التوانسة بعد الثورة أثاروا زوبعة كبيرة حول عدم شرعية هذا الصندوق وطالبوا بإلغائه.. وبالفعل تجري الترتيبات الآن لإلغاء هذا الصندوق في تونس.. ولو كان في الجزائر رجال لحدث نفس الشيء، لأن التقشف الذي تدعو إليه الحكومة ينبغي أن يبدأ بإلغاء أخذ المال العام بطرق غير دستورية وغير شرعية.. فهذه أموال الشعب.ثانيا: ينبغي أيضا أن تسلط الأضواء حول الطريقة التي يعد بها قانون المالية والترتيبات القانونية التي يتيحها للحكومة كي تتصرف في الأموال خارج رقابة البرلمان (على تعاسته) ومن هذه القضايا الحساسة إقرار مبالغ مالية في قانون المالية تحت عناوين محددة، ثم ترك الحرية للحكومة في نقل هذه المبالغ من عنوان إلى عنوان آخر.. كأن تنقل المبالغ المالية من بند استيراد الأدوية في وزارة الصحة إلى بند استيراد طعام القطط والكلاب لهذه المخلوقات التي ترى في بيوت المسؤولين!كما أن حكاية قانون المالية التكميلي الذي أصبح مثل قانون المالية العادي يعد كل سنة، يدل على أن الحكومة لا تقوم بذلك للضرورة، بل تقوم بذلك في سياق إطلاق يد الحكومة في التصرف كما تشاء بالمال العام! قانون المالية التكميلي أصبح هو الآخر رافدا من روافد دعم الفساد وسوء التسيير المالي.. فبعد أن كان استثناء أصبح قاعدة ويحضر كل صائفة ولا أحد يسأل عن عدم قانونية هذا القانون!لو كان البرلمان برلمانا لفتح نقاشا حول فشل الحكومة كل سنة في إعداد قانون المالية يصلح لتسيير سنة مالية كاملة.. ويتبع دائما بقانون مالية تكميلي. فالحكومة التي لا تستطيع تسيير سنة مالية بنجاح كيف تسيّر أمة وبلدا وشعبا؟!إنني تعبان وأصبحت أسيّر معنوياتي بنفس طريقة تسيير الحكومة للمال العام.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات