38serv

+ -

 فاجأت نتائج الانتخابات المحلية في المغرب المراقبين بعد سحق حزب العدالة والتنمية الإسلامي لمنافسيه من الأحزاب التاريخية والقوية في المغرب، كالاتحاد الاشتراكي والاستقلال والأصالة والمعاصرة وفوزه بإدارة كبرى المدن كطنجة والدار البيضاء ومراكش والرباط وفاس وأغادير، وهي المدن المؤثرة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المغرب.لكن هذه النتائج فتحت أيضا باب النقاش مجددا بشأن التحالفات الممكنة بين حزب العدالة والتنمية الحاكم والذي يقود الحكومة منذ عام 2011 وبقية الأحزاب، وقال الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، في مؤتمر صحفي عقده الليلة قبل الماضية إن الحزب سيبحث تحالفات مشتركة مع أحزاب التحالف الحكومي قبل أي تفكير في عقد تحالفات مع أحزاب المعارضة، غير أن حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة أعلنت قياداتهما رفضهما لأي تحالف مع الحزب الإسلامي، رفض رد عليه بن كيران بقوله إن حزبه لم يعرض ولم يطلب منهما التحالف في إدارة المدن التي فاز بها حتى يعلنوا رفضهم العمل مع حزبه، مشيرا إلى أنه حري بقادة هذه الأحزاب تقديم استقالتهم من قيادة أحزابهم بعدما فشلوا في تحقيق أي تقدم في الانتخابات، مؤكدا أن حزب العدالة والتنمية الذي حل أولا في الانتخابات الجهوية والثالث في الانتخابات البلدية حصل على 1.6 مليون صوت، بزيادة ثلاث مرات مقارنة مع ما حصل عليه في انتخابات 2009.واللافت في فوز العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم والذي تحمّل عبء المسؤولية في مرحلة التغيير الانتقالي، بعد إقرار دستور 2011، وضمن مناخ الربيع العربي الذي قاد أيضا أحزابا إسلامية من منظومة الإخوان المسلمين كالحرية والعدالة في مصر، والنهضة في تونس، والعدالة والبناء في ليبيا، إلى الحكم ـ اللافت ـ أنه وبخلاف نظرائه في مصر وتونس وليبيا، يحقق تقدما انتخابيا وسياسيا ونجح في الاختبارات المتعلقة بوضع أفكار التنمية وحلحلة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية موضع التنفيذ ميدانيا، إذ تقلص عجز الموازنة إلى أقل من 4 بالمائة، وارتفعت خزينة المدفوعات إلى ما يكفي لدفع واردات البلاد لمدة ستة أشهر بدلا من ثلاثة أشهر في السنوات الماضية، إضافة إلى إصلاح النظام الصحي والضمان الاجتماعي بالقدر الممكن. وهو واقع نجح العدالة والتنمية في تشكيله عبر منح أولوية التنمية قبل أي خطاب إيديولوجي وتلافي طرح أي نقاش يتصل بمشروع المجتمع، وهو ما عبر عنه بن كيران في مؤتمره الصحفي الأخير بأن العدالة والتنمية لم يأت ليفرض علي المغاربة نمط عيش معينا، لكنه جاء للعمل على حل مشكلاتهم الاجتماعية ابتداء.وبقدر ما فتحت الانتخابات المحلية ونتائجها باب النقاش في المجتمع السياسي والإعلامي في المغرب على أفق التحالفات السياسية الممكنة، بقدر ما عدها مراقبون مجرد بروفة سياسية وانتخابية ستمهد للانتخابات التشريعية المقبلة المقررة في العام القادم، خاصة إذا ما نجح الحزب الإسلامي في تحقيق منجزات عملية في المدن الكبيرة التي فاز بإدارتها والتي تضم كتلا ناخبة كثيفة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات