مشاهد عنيفة في الانتخابات البلدية بالمغرب

+ -

توجه أكثر من 14 مليون ناخب مغربي، أمس، إلى صناديق الاقتراع للتصويت في أول انتخابات محلية تجرى في المغرببعد إقرار دستور 2011، تشارك فيها قوائم تتبع 32 حزبا سياسيا، وسط حالة من العنف اللفظي والسياسي والتذمر خاصة في أوساط الشباب بسبب البطالة والإحباط الاجتماعي، ووسط توقعات بفوز العدالة والتنمية. قليل من الأمل فقط ما يدفع مصطفى زيرو، أبرز القيادات في حركة أصحاب الشهادات والمعطلين عن العمل للتوجه إلى مركز الانتخاب، فقد قضى مصطفى فترة في السجن بسبب نضاله الاحتجاجي ضمن حركة المعطلين، واتهم بالتهجم على رئيس الحكومة عبد الله بن كيران. يقول مصطفى “إنه يفترض أن يخرج المناضل من السجن أكثر راديكالية، لكنني خرجت من السجن وأنا عازم على مواصلة النضال من أجل بناء مؤسسات ديمقراطية قوية قادرة على محاسبة المسؤولين وتتيح للمغاربة النشاط السياسي والمدني بكل حرية”.ليس كل الشباب في المغرب الذين يمثلون 65 بالمائة من مجموع السكان، ويشكلون 40 بالمائة من كتلة الناخبين مثل مصطفى، الغالبية لم تعد لديهم ثقة في العمل السياسي والأحزاب والانتخابات، في حي التقدم الفقير في ضاحية العاصمة الرباط، يرفض بعض الشباب التوجه إلى مراكز الاقتراع، بحجة أن أوضاعهم لم تتغير منذ فترة، يقول أيوب، الشاب الذي يعمل في ورش صغيرة للخياطة، إنه لن يذهب للتصويت، ويقول “في كل مرة يستغلوننا، الأحزاب السياسية لا تبحث إلا عن مصالحها، في الانتخابات يزوروننا ويقدمون لنا الوعود بتحسين الحياة وتوفير مناصب الشغل، لكن شيئا من ذلك لم يحدث”، ويضيف “بعضهم يوزع الأموال لمحاولة شراء الناخبين”.وبدا لافتا في الانتخابات المغربية دخول المال كعامل رئيسي في الدعاية الانتخابية، إذ تقدم بعض الأحزاب والمرشحين على توزيع مبالغ مالية على مجموعات شبابية للقيام بالدعاية والمسيرات داخل الأحياء الشعبية. في حي التقدم في ضاحية العاصمة الرباط يؤكد العديد من الشباب أن أوضاعهم المعيشية تدفعهم إلى القبول بهكذا أدوار، دون أن تكون لهم أية صلة أو معرفة حتى باسم أو برنامج الحزب السياسي.أحدث الدراسات في المغرب تؤكد أن 70 بالمائة من الشباب لا يثقون في جدوى العمل السياسي، في مقابل خمسة بالمائة من الشباب يؤمنون بالعمل الحزبي، وواحد بالمائة يزاولون النشاط السياسي داخل هيئات وأحزاب، ويمثل عزوف الشباب عن الفعل السياسي أبرز المشكلات التي تواجهها الأطر السياسية في المغرب، ما دفع المشرّع المغربي إلى تضمين القانون الانتخابي مادة تقر بتخصيص 30 مقعدا للشباب في البرلمان، لضمان التوازن، كما أن المشكلات الاجتماعية في المغرب تدفع بحسب إحصائيات رسمية مغربية 86 بالمائة من الكفاءات الشبابية ترغب في العمل خارج المغرب، و18,5 بالمائة من الكفاءات العلمية المغربية هاجرت فعلا إلى الخارج.اللافت أكثر من أي انتخابات سابقة في المغرب انحراف الخطاب الانتخابي من قبل قادة الأحزاب السياسية في المغرب إلى مستوى عنيف، انعكس على مشهد الشارع الذي شهد بشكل يومي مواجهات عنيفة بين أنصار المرشحين والأحزاب السياسية، خلال الحملة الانتخابية تصاعدت حالة من العنف اللفظي بشكل غير مسبوق بين قادة الأحزاب السياسية في المغرب، ووصف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط، بالكذاب، واتهم الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة الياس العماري بأنه رجل مافيوزي ويمول حملته الانتخابية من أموال المخدرات، وبالشيطان والأفعى، ووجه حزب الاستقلال اتهامات عنيفة إلى بن كيران ووصفه بالكذاب، و”بالرجل الذي يخرف”، وانسحبت حدة العنف اللفظي التي جرت أمس الجمعة على السلوك الدعائي، وارتسم مشهد العنف الانتخابي الذي وصل حد استعمال الأسلحة البيضاء والسيوف ومهاجمة مرشحين وأنصارهم..وعلق الناشط في المجتمع المدني ياسين أسبويا على الخطاب الانتخابي قائلا “الخطاب السياسي أثناء الحملات الانتخابية في الحضيض لدى أغلب القيادات السياسية والمترشحين، لقد طغى عليه السب والشتم والأحكام المسبقة على المنافسين، لم نر صراع برامج وأفكار”.على صعيد التوقعات يجد حزب العدالة والتنمية نفسه في مقدمة الأحزاب المرشحة للفوز بأول انتخابات محلية تجرى في المغرب بعد إقرار الدستور الجديد، خاصة وأن بعض المنجزات الميدانية التي حققتها الحكومة، قد تشفع للحزب الإسلامي أمام خصومه السياسيين، إضافة إلى أن نجاح الحزب الإسلامي في تفكيك الماكينة الإدارية للأحزاب التاريخية في المغرب كالاتحاد الاشتراكي والاستقلال، سيتيح له فرصة الانقضاض على هذه الانتخابات التي تمنح للمرة الأولى صلاحيات هامة للجماعات المحلية في إطار ما يعرف بالجهوية المتقدمة واللامركزية.  كواليس انتخابات المغرب أبدع رئيس الحكومة والأمين العام للعدالة والتنمية عبد الإله بن كيران في أداء رقصات مع فرق فولكلورية خلال التجمعات الخطابية التي كان ينشطها لصالح حزبه. لا تحظى الانتخابات الحالية في المغرب باهتمام إعلامي دولي كبير مقارنة مع الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إذ لم يسجل حضور لافت للصحافة الدولية في تغطية هذه الانتخابات. استدعى المغرب 71 ملاحظا دوليا ينتمون إلى عدة هيئات دولية للمشاركة في مراقبة الانتخابات المحلية والجهوية. اتخذ حزب العدالة والتنمية رمز المصباح في حملته الانتخابية (وهو نفس شعار حزب العادالة والتنمية التركي)، فيما اختار منافسه الرئيسي حزب الأصالة والمعاصرة رمز “الجرار”. طورت الأحزاب المغربية أدواتها الدعائية، فبالإضافة إلى الاعتماد على الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، قامت الأحزاب المغربية بتنظيم قوافل من الدراجات الهوائية، والشاشات العملاقة، لكن ذلك لم يمنع بعضها من استعمال الدواب أيضا في الدعاية ببعض المناطق الريفية. وصلت الاتهامات المتبادلة بين قيادات الأحزاب المغربية حول استعمال “أموال المخدرات” في الحملة الانتخابية إلى أروقة المحاكم، حيث تم رفع دعاوى ضد بن كيران. حتى منتصف ظهر أمس كانت نسبة التصويت 12 بالمائة، وهي نسبة متدنية مقارنة مع النسب المسجلة في الاستحقاقات سابقة. دعت جماعة العدل والإحسان وحزب النهج الديمقراطي إلى مقاطعة الانتخابات، واستبقت جماعة العدل والإحسان النتائج وأعلنت فشل الانتخابات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات