38serv

+ -

يعقد وزراء الداخلية الأوروبيون، منتصف شهر سبتمبر الجاري، اجتماعا طارئا لبحث كيفية مواجهة أزمة تدفق المهاجرين إلى أوروبا، بعد تكثيف الدعوات في أوروبا من أجل التصدي لهذا الملف الذي يزداد تفاقما، حيث أعلنت حكومة لوكسمبورغ التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أول أمس، أن وزراء داخلية الاتحاد سيعقدون اجتماعا طارئا في بروكسل، بهدف “تقييم الوضع على الأرض والتحركات السياسية الجارية ولبحث الخطوات المقبلة لتعزيز الرد الأوروبي”. دعت أستراليا، أمس، إلى مشاركة المزيد من الدول الأوروبية في الغارات الجوية على داعش، كوسيلة لحل أزمة اللاجئين التي تشهدها أوروبا، حيث قالت وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب، في تصريحات تلفزيونية، إن تنظيم الدولة هو الذي يدفع مئات الآلاف من اللاجئين للتوجه إلى أوروبا، ولا بد من التصدي له.وأوضحت بيشوب أن أكثر من 40% من طالبي اللجوء حاليا في أوروبا قادمون من سوريا، مؤكدة على أهمية توحيد الجبهة للتصدي “للمنظمات الإرهابية” التي تتسبب في نزوح هذا العدد الكبير من الناس. حيث يشارك عدد ضئيل من البلدان الأوروبية، بينها فرنسا وبريطانيا، حاليا في التحالف الدولي، كما تشارك أستراليا في التحالف من خلال ست طائرات قتالية من طراز “راف أف أي 18” وطائرتي دعم تتمركز في الإمارات العربية المتحدة.  من جهتها، أعلنت مصادر أمنية مجرية السماح للاجئين في محطة قطار بوخاريست الواقعة شرقي العاصمة، بركوب قطارات تتجه إلى مدينة ميونيخ الألمانية، لكن فقط لمن يحملون وثائق هوية ومعهم تذاكر، إلا أن ألمانيا، التي شهدت أسبوعا مثقلا بأعمال معادية للأجانب استهدفت لاجئين في ألمانيا، نفت وجود قطارات مخصصة لنقل اللاجئين إلى أراضيها، وقالت مصادر ألمانية إن القانون الأوروبي الخاص بحق اللجوء يقتضي أن يسجل اللاجئون المعنيون أنفسهم في المجر قبل المغادرة. وفي السياق ذاته، دعت شخصيات ألمانية بارزة من الأوساط السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية للتعبئة ضد كراهية الأجانب وإظهار وجه آخر لألمانيا منفتح على استقبال المهاجرين.وكانت السلطات المجرية أكدت أنها تلتزم قواعد الاتحاد فيما يتعلق باللاجئين، وأنها ماضية في إجراءاتها المشددة تجاههم، رغم الانتقادات الفرنسية والألمانية التي طالبتها باحترام حقوق الإنسان واحترام القيم الأوروبية.وشدد المتحدث باسم الحكومة المجرية على أن بلاده “لا تخالف اتفاقية شينغن”، مطالبا ألمانيا بتوضيح النواحي القانونية بشأن إجراءاتها، التي تسمح بسفر واستقبال اللاجئين عبر دول الاتحاد الأوروبي. وجاءت تصريحات المتحدث المجري، عقب انتقادات وجهها وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس اتهم فيها دول شرق أوروبا، خاصة المجر، باتباع سياسة “مخزية” تجاه اللاجئين، مضيفا أن “المجر لا تحترم القيم الأوروبية المشتركة”، ودعا السلطات الأوروبية للحديث “بجدية” مع المجر بخصوص هذا الموضوع، وأضاف أن المهاجرين “الهاربين من الحرب والاضطهاد والتعذيب والقمع يتعين استقبالهم ومعاملتهم بكرامة وإيواؤهم وتقديم العلاج لهم”.كما أعلنت سويسرا أنها تعتزم تقديم مساعدة مالية لدول البلقان، لدعمها في مواجهة تدفق أعداد كبرى من المهاجرين في محاولتهم الوصول إلى الاتحاد الأوروبي.كما طالبت عضو البرلمان الألماني أنيت غروث المجر باحترام مختلف الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان الموقع عليها أوروبيا، موضحة أن السلطات المجرية تزج باللاجئين في السجون أو تحتجزهم في معسكرات.وكانت الخارجية المجرية استدعت ممثل السفارة الفرنسية في بوخاريست، ودعت فرنسا إلى التشاور لإيجاد حلول مشتركة بدلا من الأحكام الصادمة، فيما أكد رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، في وقت سابق، أن إيطاليا ستجعل من الحصول على حق اللجوء في أوروبا “معركة الأشهر المقبلة”، وقال في مقابلة مع صحيفة كورييري ديلا سيرا “على أوروبا أن تبدأ التحرك. علينا أن نختار أن يكون لنا سياسة هجرة أوروبية مع حق لجوء أوروبي”.        مدير المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الدكتور رامي عبده، لـ”الخبر”“ما تفعله أوروبا يتناقض مع قيمها”تناقش قضايا المهاجرين بعد أيام في لوكسمبورغ وسط تباين في المواقف بين السلطات الفرنسية والإيطالية، في وقت يلقى العبء على دول وتعفى أخرى، ما تعليقك؟ ما نخشاه هو أن يأتي الاجتماع في إطار سلسلة اجتماعات ولقاءات عقدتها الدول الأوروبية المختلفة للتهرب من مسؤولية دول الاتحاد الأوروبي تجاه اللاجئين عبر البر والبحر، فكل النقاط التي طرحتها سابقا تتهرب فيها من المسؤولية تجاه اللاجئين والمهاجرين، وركزت على بعث رسائل مفادها أن أوروبا ليست ملاذا للاجئين، الأمر الذي لم تقم به أوروبا حتى من خلال تقديم دعم مالي أو سياسي للدول المجاورة لتلك الدول التي تعاني الأزمات والصراع، ومنها الدول المجاورة لسوريا على سبيل المثال، بهدف تحقيق الاستقرار، حيث لم تساهم أوروبا في خلق بيئات حاضنة للاجئين في المناطق المجاورة للدول التي تعيش الصراع وتعاني من الاضطرابات، فدول الجوار لسوريا مثلا تتعامل مع اللاجئين بعدائية، ومهم لأوروبا أن تتحرك لتفعيل عملية “بحرنا” العسكرية الإنسانية الإيطالية لإنقاذ اللاجئين.وما الذي على أوروبا القيام به إذن؟ أوروبا عليها بذل جهد أكبر من أجل السماح باللجوء بشكل شرعي، فهي لم تستقبل سوى أقل من 1 في المائة من مجموع اللاجئين السوريين، وبذلك عليها بذل جهد في إطار عمل وكالة “فرانتكس” الحدودية التابعة للاتحاد الأوروبي، بحيث تقوم أيضا بتخفيف بعض الإجراءات والقوانين على الدول التي يتوجه إليها اللاجئون، فهي تعفي دولا وتنزل العبء على أخرى، لذا أقول إن الكثير من المقترحات بإمكان أوروبا تجسيدها، لكنها لا تفعل ذلك، فالمزاج العام والمستوى السياسي لا يجعلها تلقي بالها على الأزمة، وما تفعله يتناقض مع القيم التي يتبناها الاتحاد الأوروبي. بإمكانها فتح باب اللجوء وزيادة عدد اللاجئين الذين تسمح لهم بالوصول إلى الأراضي الأوروبية، وترفع من دعم دول الجوار السوري مثلا، وأن تخلق بيئات مرحبة وليست عدائية، وأن تعمل مع شمال إفريقيا، بشكل أساسي، ليبيا لوقف تدفق المهاجرين حتى تتمكن من متابعة ومحاسبة المهربين، إلى جانب التعاطي بشكل إنساني مع أي حالات للجوء والهجرة تصل إلى أوروبا أو تنطلق باتجاهها. وجهت أصابع الاتهام إلى المجر، وهناك مطالبة بإزالة الأسلاك الشائكة التي أقامتها على حدودها، هل سيضع الإجراء حلا للأزمة؟ وهل تتحمّل المجر لوحدها المنحى الذي أخذته الأزمة؟ المجر كدولة في تعاملها مع قضية اللاجئين كانت قاسية، وقد نقلت العديد من الصور التي تؤكد ذلك، لكن المسؤولية لا تتحمّلها المجر لوحدها، بل منظومة الاتحاد الأوروبي كاملة، فهي من دفعت بالمهاجرين إلى هناك، من خلال المواقف الأوروبية في المنطقة العربية حول النزاعات، كما ساهمت في دعم الانقلاب على خيارات الشعوب، فلو عدنا إلى زمن الثورات العربية لوجدنا نسبة اللاجئين قليلة مقارنة بانطلاق الحراك المضاد لرغبة الشعب، وأمام الصمت الغربي تصبح البيئات طاردة في المجتمعات العربية وتدفع بالعرب والأفارقة للتوجه إلى خيار اللجوء وركوب البحر، فالمواقف الأوروبية لم تكن حاسمة في وفق تدهور الأوضاع ووقف الأزمات، ما أدى بخروج عشرات آلاف المهاجرين والارتماء في أحضان المتوسط.أيمكن اعتبار مأساة الشاحنة على الحدود المجرية النمساوية وغرق 111 شخص في المتوسط، الأسبوع الماضي، تذكيرا بفشل أوروبا في حل المسألة؟ السنة الماضية كنا نتحدث عن 3500 لاجئ قتلوا في البحر، وحذر المرصد الأورومتوسطي من موجة كبيرة من الهجرات، إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يأخذ الأمر على محمل الجد ولم يتخذ أي إجراءات، الآن رغم أنه يفصلنا 4 أشهر عن نهاية السنة، وصل عدد القتلى إلى 3000، ما يعني أننا سنتجاوز عدد السنة الماضية بنهاية العام، في 2014 سجلنا 170000 مهاجر، أما إلى غاية شهر أوت من 2015 فسجلنا 300000 مهاجر، وهي الزيادة التي لم تقابل بأي خطوة جدية رغم أن الأزمة عميقة.هل سنشهد أزمة ما بين المجر وفرنسا نتيجة الاتهامات التي وجهها لها فابيوس؟ في تقديري هي محاولة للفت الأنظار، فالقصة لا تقتصر على المجر فقط، بل كما قلت سابقا على الكل الأوروبي، ما يحدث هو تفادي لتطبيق الإجراءات اللازمة وتحمّل المسؤولية، وعدم ترك العبء على بعض الدول فقط، مثلما يحدث مع اليونان الدولة الفقيرة، وعلى إيطاليا التي يرفضون دعمها، نحن أمام عقلية أوروبية رافضة وطاردة للاجئين، ولا تتعامل بموجب القانون الدولي ولا بمنطلق إنساني، وأنا أرى أن الأزمة مفتعلة، فجوهر القضية أن دول الاتحاد الأوروبي تخلت عن مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، وهذا بالتنسيق مع أطراف عربية طبعا، وبذلك كل المنظومة تتحمل ما يحدث للاجئين السوريين والفلسطينيين وحتى الأفارقة.الجزائر: حاورته هيبة داودي

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات