في نهاية الثمانينات، فكك الرئيس الشاذلي بعض الوحدات والتنظيمات العسكرية و”خلّط” كثيرا في جهاز الأمن العسكري.. وظهرت تبعا لذلك نظريات وقيم هددت العقيدة الوطنية للجيش الوطني الشعبي في بعض جوانبها.. فكانت ردة فعل المجاهدين الضباط المتقاعدين آنذاك هي تشكيل تنظيم أطلقوا عليه اسم “قدماء متقاعدي الجيش” للتحصن به ضد الطوفان الذي أحدثه الشاذلي بسياسته داخل الجيش.. ورغم أن البلاد كانت بها منظمة المجاهدين، وهي الحارس الروحي لقيم الجيش الوطني الشعبي، فقد شكل المتقاعدون منظمة أخرى وهم أصلا مجاهدون.اليوم يجري الشيء نفسه داخل الجيش وأجهزة الأمن بطريقة أقلقت مجموعة أشبال الثورة، وجعلتهم يخافون على مصير العقيدة الوطنية للجيش الوطني الشعبي، بتحويله من جيش وطني شعبي إلى “عسكر”، باسم الاحترافية والتحديث والعصرنة وقطع علاقته بالشعب. جيش الجزائر يمتاز بخاصية لا توجد في جيوش أخرى، وهي أن الكفاءة القتالية للوحدات تكون دائما محروسة بالقيم الوطنية للشعب الجزائري، وأن العلاقة بين الجيش والشعب هي القاعدة الأساسية في سياسة الدفاع الوطني.كانت مدارس أشبال الثورة، التي تكونت سنة 1959، في خضم النار والدماء والدموع، هي المعين الذي يزود الجيش الوطني الشعبي بالدماء الجديدة الشابة والمتكونة والمتشبعة بقيم العلاقة الخالدة بين الجيش والشعب، صحيح أن القوافل الأولى من أشبال الثورة كان معظمها من أبناء الشهداء وأبناء المجاهدين.. لكن مع الأيام تحولت مدارس أشبال الثورة إلى الرافد الأساسي الذي يزود الجيش الوطني الشعبي بشباب متكون يجمع بين الكفاءة العلمية والمهنية، والتشبع بقيم الوطنية المبنية على علاقة الجيش بالشعب.مدارس أشبال الثورة زودت الجيش بما لا يقل عن 30 ألف إطار سام يضمن بقاء الجيش وفيا للقيم التي أنشئ عليها منذ نواته الأولى وهي حركة (لوص). والآن أحيل العديد من هؤلاء إلى التقاعد ومات أو جرح في عشرية الدم من هؤلاء ما لا يقل عن ثلاثة آلاف. وكانوا بالفعل حجر الزاوية في معركة الجيش مع الإرهاب دفاعا عن الجزائر الواقفة.اليوم يحس هؤلاء وهم في التقاعد أو في الصفوف بأن الأمور في علاقة الجيش بالشعب وفق قيم نوفمبر لم تعد على ما يرام، وأن سياسة تحويل الجيش إلى (عسكر) تمس بالجيش قبل أن تمس بالشعب والبلاد، وخاصة بعد أن تم حل مدارس أشبال الثورة قبل إعادتها مؤخرا.. المتقاعدون من أشبال الثورة حاولوا تكوين جمعية أشبال الثورة لخدمة العائلات وأبناء هؤلاء الذين قضوا في العشرية الدموية، حتى لا يحدث لهم ما حدث لأبناء الشهداء ومنهم أشبال الثورة. لكن المجموعات الضاغطة في الدولة والتي تمثل:”les enfants de troupes” التي كانت قبل الثورة قد منعت إعطاء الاعتماد لهذه الجمعية لأسباب واهية ولكنها واضحة سياسيا.ورجال “les enfants de troupes” هم الذين رفضوا في الماضي إعطاء صفة عضوية جيش التحرير لأبناء هذه المدارس التي تكونت بالكاف في تونس سنة 1959 بحجة صغر السن.. لكن مجموعة سوق أهراس من أشبال الثورة استطاعت مشكورة أن تضلل “les enfants de troupes” وتحصل على الاعتماد وتحوله إلى خدمة القضية التي رفضت من قبل لأسباب غامضة لكن مجموعة “les enfants de troupe” عاودت الهجوم وأرادت أن تشكك في ما قامت به مجموعة سوق أهراس مشكورة.. خاصة حين أعلن هؤلاء أن الاجتماع سيعقد اليوم في باتنة.انتظام أبناء مدارس أشبال الثورة في منظمة واحدة بصيص أمل في هذا الظلام الدامس الذي يلف البلاد.. هؤلاء هم حراس معبد أول نوفمبر في الجيش والشعب، واجتماعهم في الأوراس فيه دلالة كبيرة نتمنى أن تفهمها جيدا مجموعة سوق أهراس، وأن تكمل فضلها على هؤلاء بتمكينهم من تنظيم أنفسهم في تنظيم واحد[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات