الطريقة التي عالجت بها وسائل الإعلام الخاصة والعامة مسيرة المعارضة واحتفالات السلطة بالرابع والعشرين فيفري تدل على أن وضع الإعلام الآن في ظل السلطة الثنائية، سلطة المال الفاسد وسلطة الحكم الفاسد، قد أتت على ما تبقى من الحرية الإعلامية التي جاءت بها أحداث أكتوبر 1988 ودستور 1989.لاحظ الجميع أنه في ساحة البريد المركزي أثناء المسيرة تواجدت أكثر من 200 كاميرا، عامة وخاصة، لكن البث للحدث كان في القنوات الخاصة “اللقيطة” أسوأ من القنوات اليتيمة، وكأن الشرطة التي قمعت المعارضة هي نفسها التي مارست الرقابة على ما بثته القنوات.. وهي حالة بالتأكيد أصبحت أسوأ من حالة تحكّم مصلحة الـ “دي آر آس” لبن عكنون التي حلّت أو هكذا قيل أنها حلّت!حالة تحكم الشركات المانحة للإشهار ووكالة “أناب” الحكومية في ما يبث من إعلام عبر القنوات الخاصة والعامة أصبح أسوأ من تحكم البوليس السياسي والسلطة الإدارية في الصحافة والإعلام. هل من المفارقة أن بعض الصحافيين الشرفاء دعوا إلى مقاطعة المسابقة التي تنظمها “أوريدو”، وفي الوقت نفسه تقوم وزارة الإعلام بالسكوت عن تطبيق المرسوم الرئاسي الذي أصدره الشاذلي بن جديد سنة 1985، والذي أسس بموجبه جوائز وطنية في مختلف الألوان الصحفية والتلفزية والإذاعية؟ لا أحد تساءل لماذا تحجب الوزارة هذه الجوائز عن الإعلاميين؟ وهنا لابد أن أسأل: هل البطاقة الوطنية للصحفي أهم من الجائزة الوطنية للإعلام؟ لماذا تهتم الوزارة بالبطاقة ولا تهتم بالجوائز؟بقي أن أقول لزملائي بكل صدق: مهنتنا أصبحت مهنة فسادية وطنية، وهي تتدحرج كل يوم نحو الرداءة والفساد وتسلم رقبة الصحفيين إلى مشانق المال الفاسد والسلطة الفاسدة، فلا مفر من الإحساس بضرورة تنظيم الصحفيين في منظمة وطنية ممثلة للصحفيين بحق وحقيقة لترافع عن مصالح هذه المهنة، وحقها في أن تكون إحدى وسائل الرقابة في المجتمع وتقف في وجه الفساد والظلم والرداءة، مثلما كانت حركة الصحفيين الجزائريين (MJA).
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات