38serv

+ -

بعد قرار عمدة بلدية شالون سور سن فرض الوجبات المحرمة على التلاميذ من أصول مسلمة، حاورنا نائبة نقيب محامي فال دو مارن بمجلس قضاء باريس، المحامية نصيرة مزيان، لتقديم إضاءة من الزاوية القانونية في القضية.هل تعتقدين أن تصريحات رئيس بلدية شالون سور سون في محلها من الناحية القانونية، وهل هناك مساس باللائكية؟ للأسف، القانون لا يعاقب من يستعمل مصطلح اللائكية لأنه مصطلح غير محمي، ورئيس البلدية يعرف ذلك جيدا، وذلك يعتبر نوعا من الديماغوجيا واللعبة السياسية. نعم يمكننا القول إن هناك مساسا باللائكية التي أصبح هؤلاء الساسة الفرنسيون لا يفهمون معناها الحقيقي. كيف لا وهي التي تحترم حرية الأشخاص وممارسة كل فرد لديانته بكل حرية، أما فيما يخص تصريحات العمدة فنعم هي قابلة للطعن، فهو لا يحق له أن يتخذ قرارا لوحده، إذ جاءت جد متسرعة، ما قد يسهل مهمة محامي دفاع الطرف المدني المتمثل في رابطة الدفاع القضائي للمسلمين بإيداع طعن في الاستعجالي المعلق وفقا للمادة 1–521 من قانون القضاء الإداري من أجل تعليق هذا القرار، خاصة أن هذا الأخير تسرع في تصريحاته، والمحكمة لم تخول له ذلك، وإنما يدخل ذلك في صلاحيات المجلس البلدي. وهذا الأخير لم يجتمع بعد للتصويت على القرار. لكن العمدة قرر مسبقا منع الوجبات البديلة أو الحلال بداية من 15 أكتوبر القادم، لأنه يعلم أن لديه الأغلبية في التصويت، وهذا طبعا يرجح الكفة لصالح الطرف المنازع.هل بإمكانكم إطلاعنا على ما ينص عليه قانون المطاعم المدرسية الفرنسية من حيث الوجبات؟ للأسف الشديد، النصوص القانونية تترك حرية الاختيار لرؤساء البلديات من أجل وضع الوجبات بأطباق متعددة أو وجبة واحدة فقط، وعلى المنتخبين الفصل في قائمة الطعام، ومصلحة المطاعم المدرسية تعد مصلحة تابعة للخدمة العمومية ولا توجد قواعد تضبطها، كما أن الدولة لا تفرض أي شيء أو وجبة.على العموم، يتم اقتراح وجبات متنوعة حتى يتسنى لجميع التلاميذ من مختلف الانتماءات والديانات، مسلمين كانوا أو يهود أو غيرهم، لتجنب التفريق بينهم وتشتيتهم، وهذه هي اللائكية التي كبرنا عليها نحن الفرنسيين من الأصول المغاربية والجزائرية. فأنا أذكر مثلا منذ 30 سنة عندما كنت في المدرسة لم تكن هناك هذه الحساسيات بالنسبة للوجبات المدرسية، وأذكر أن الفرنسيين من الأصول الفرنسية كانوا يخجلون من أكل وجبات الخنزير لأنها من أرخص الوجبات ومن نوعية ناقصة. كما كان يتم تخصيص يوم الجمعة مثلا لوجبات السمك فقط دون لحوم، لأنه يوم ”مقدس” بالنسبة للكاثولكيين.لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم في فرنسا: لماذا في هذه الآونة بالذات؟ ولماذا في سنة 2015؟ بينما كانت هذه الوجبات موجودة منذ سنة 1984، والجميع كان مرتاحا ولم يشتك أحد يوما، فلماذا هذا التكالب على المسلمين في فرنسا؟ وهنا طبعا نلمس الخلل الموجود على مستوى الهيئات الممثلة لمسلمي فرنسا.هل تعتقدين أن جوهر القضية سياسي في الأصل وبعيد عن الجانب القانوني؟ نعم بالتأكيد، اليوم في فرنسا هناك معركة انتخابية قائمة بين اليمين واليمين المتطرف، والجميع يعلم أن هذين الحزبين يستعملان اللائكية كذريعة لمهاجمة المسلمين، وأكثر قوة في اتخاذه إجراءات ضد المسلمين تزيد من حدة الإسلاموفوبيا. لكن ما يجب قوله أنه لحد اليوم لم يقترح أي أحد وجبات الحلال على المطاعم المدرسية الفرنسية عكس ما يروج له الجدل القائم، ومن يسمع ذلك يعتقد أن وجبات الحلال هي الوجبة الأساسية، لكن ما يجب التأكيد عليه أيضا أن بعض المنتخبين من حزب الجمهوريين ليسوا موافقين على ذلك القرار المتعلق بشالون سورسون. وهناك رئيس بلدية بربنيون من الحزب نفسه قال إنه اقترح وجبات دون لحوم لأن معظم التلاميذ، ومن بينهم المسلمون، لا يأكلون اللحوم الحمراء لأنها ليست حلالا، ما يكبد المطعم المدرسي خسارة، ويرمى نهاية كل أسبوع ما يساوي 300 كغ، فقرر الاستغناء عنها، لكن الخوف اليوم بأن هذا القرار قد فتح الباب أمام العديد من البلديات التي كانت تنتظر الفرصة لاغتنامها، خاصة من اليمين المتطرف.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات