+ -

قالوا: إن وزارة الاتصال تحضّر هذه الأيام لتغييرات مهمة على مستوى وسائل الإعلام العمومية، وكأن مشكلة الإعلام العمومي تكمن في نوعية المسؤولين عن هذا القطاع.بالتأكيد التغيير المرتقب والذي يجري الحديث عنه سيمس الرداءات المتواجدة على رؤوس هذه المؤسسات ما في ذلك شك، ولكن الأكبر أيضا أن هذه الرداءات ستستبدل برداءات أسوأ منها.المشكلة ليست في نوعية المسؤولين المتواجدين على رأس المؤسسات الإعلامية، بل المشكلة تكمن في النظام الذي تسير به هذه المؤسسات، فلو أتينا بعباقرة الإعلام في العالم ووضعناهم على رأس هذه المؤسسات، وتركنا طرائق عملها كما هي، فلن يحدث غير إنتاج الرداءة.إعلام تسيّره الحكومة بالهاتف من “كازيرنا” تارة، ومن مكتب إشهار في شركة وطنية أو أجنبية تارة أخرى، لا يمكن أن يكون إعلاما حتى ولو زودناه بأحسن الإعلاميين.التغيير الحقيقي الذي ينتظره الشعب ورجال القطاع هو أن ترفع الحكومة يدها عن القطاع، وأن تسن القوانين التي تحرر هذا القطاع ليصبح قطاعا عموميا وليس حكوميا. الإصلاح الحقيقي هو وضع قوانين أساسية للمؤسسات الإعلامية العمومية تخرجها من حالة التسيير بالهاتف إلى حالة التسيير المهني الإعلامي الذي يحترم قواعد العمل المهني.الحكومة يجب عليها أن تعيد النظر في السياسة الإعلامية العامة والخاصة جذريا، وليس مجرد تغيير رداءة برداءة أسوأ منها.في الجزائر الآن تحدث مضحكة إعلامية في الفضائيات، حيث تتعارك الفضائيات المشبوهة والمملوكة لرجال المال الفاسد بالهجوم والهجوم المضاد، فيه رائحة الإشهار القذر تزكم الأنوف، وفيه رائحة “الشونطاج” المتبادل أكثر من روائح وادي الحراش قبل إصلاحه !والعدالة لا تتحرك والوزارة الوصية مشغولة بالبحث عن رداءة أخرى لتعيينها مكان الرداءة القائمة في القطاع العام!عندما يكون الاهتمام بفساد حبة كاشير في باتنة من طرف إعلام الفساد والهف أهم من فساد الرئاسة والبرلمان والحكومة، فذاك يعني أن الأمر لم يعد يتعلق بتغيير أشخاص أو دُمى إعلامية، بل يتعلق بإعادة بناء دولة كاملة من الأسس، ولا يوجد حتى الآن ما يدل على أن مثل هذا الأمر يمكن أن يتم في الآفاق المنظورة، لأن سياسة “البريكولاج” هذه يمكن أن تمدد إيهام الناس بقضية التغيير المستحيلة !

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات