لم أفهم لماذا تطلق إشاعة إفراج الرئيس بوتفليقة عن مسودة تعديلات الدستور المرتقبة، منذ 5 سنوات، في هذا الظرف بالذات وعبر مواقع إعلامية لا يؤخذ بها؟! لماذا لم ينشر الأمر في بيان رئاسي تحمله للرأي العام وكالة الأنباء الجزائرية والتلفزة اليتيمة كما جرت العادة؟! أو يلقيه أحد الناطقين باسم الرئيس في ندوة صحفية أو اجتماع لإطارات الأمة؟!الجواب واضح.. الأمر لا يعدو أن يكون مجرد إلهاء للرأي العام عن أمر آخر جلل؟! يؤكده عدم تمرير خبر الإفراج عن تعديل الدستور عبر وكالة الأنباء!هل من الصدفة أن يعلن عن تعديل الدستور بواسطة “التهريب” الإعلامي والرئيس غائب أو مغيّب إعلاميا، ويتزامن ذلك مع سفر رئيس المجلس الدستوري، مراد مدلسي، إلى أقاصي الدنيا، إلى إندونيسيا، لجلب الخبرات الدستورية من هناك؟! ويحدث هذا في الصيف الحار سياسيا واجتماعيا.هل يعقل أن تكون الحكومة والبرلمان وأحزاب الحكم والمجلس الدستوري والجيش لا تعنيهم مسألة إطلاق الرئيس مسودة الدستور الجديد عبر مواقع إعلامية وليس عبر مؤسسات دستورية؟! فإذا كان الوضع التعديلي للدستور يتم بصورة عادية، فلماذا تلجأ جماعة الرئيس إلى تسريبه إلى مواقع إعلامية غير رسمية؟!الطريف فيما ذكر حول تعديل الدستور، الذي قيل إن الرئيس أفرج عنه، هو أن التعديل جاء مضحكا ويشبه إقامة “حواجز مزيفة” في الدستور لأشخاص بعينهم، مثل اشتراط أن تكون زوجة المترشح أصلية الجنسية الجزائرية، حتى أن القارئ يرى في هذا التعديل الدستوري إقامة حاجز مزيف للإبراهيميين! وهذا ليس أغرب منه سوى الاقتراح بأن يمنع على المترشح للرئاسيات الانسحاب من السباق! وهو أمر غير دستوري وغير إنساني، لأنه يسلب حق المواطن في حرية الترشح والاستقالة والانسحاب! ومعنى هذا الكلام أن الرئيس بوتفليقة مايزال تحت صدمة 1999 عندما انسحب الفرسان الستة، وأحالوا الرئاسيات إلى مهزلة يتسابق فيها المرشح الوحيد مع نفسه!يبدو أن الأمر لا يتعلق بالدستور، بل يتعلق ببداية تفكك النظام بطريقة غير مسؤولة وتثير مخاطر أكثر من مخاطر استقالة الشاذلي في 1992، ومخاطر انسحاب زروال سنة 1999. وأن حكاية الانتقال السلس والآمن للسلطة أصبحت الآن من المطالب صعبة المنال أمام المخاطر التي فتحتها حكاية العهدة الرابعة، التي جاءت ضد الطبيعة البشرية وضد كل الأخلاق والقيم والقوانين.. وقد بدأت مخاطرها تتجسد في الواقع العملي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات