رحلة إلى ما قبل التاريخ في "دار لعجب" بوهران

+ -

ينتاب زائر متحف أحمد زبانة أو ”دار لعجب” شعور بالاحترام والتقدير للمبنى، بسبب هندسته المعمارية المميزة وسلالمه الرخامية العالية وأعمدته العملاقة يتوسطها باب ضخم، تجعل المرء وهو يصعد السلالم يحس بصغر حجمه أمام تاريخ البشرية وإنسان هذه المنطقة، الذي عاش بمغارات جبل المرجاجو، وجعل المختصين يطلقون عليه العصر الحجري الحديث الوهراني. يترك الزائر وراءه، بمجرد تجاوز عتبة الباب الرئيسي للمتحف، جلبة وضوضاء السوق الشعبي للمدينة الجديدة، وصراخ باعة الخردوات والهواتف الذكية، ليكتشف تطور الذكاء الإنساني عبر مختلف الحقب، من خلال مجموعات أثرية محفوظة تتمثل في رؤوس أسهم، مثاقب، فؤوس يدوية، أدوات عظمية، فخار مزخرف، حلي مكتشفة بمغارات كريشتل شرق وهران، وأخرى تعود للعصر الحجري الحديث الوهراني بمغارات جبل المرجاجو. هذه المغارات ترزح حاليا تحت وطأة النسيان وأعمال التخريب بسبب وقوعها وسط الأحياء القصديرية، كما بقيت بعض الآثار المحفوظة كشواهد على الحضارات المتعاقبة على المنطقة، رغم اختفاء بعض المواقع الأثرية تحت زحف الإسمنت والاستثمار في سياحة بلا ذاكرة، على غرار موقع الأندلسيات الذي يعود للحقبة البونيقية والرومانية. يكتشف الزائر قطعا نقدية تؤرخ للحضارات على غرار قطع نقدية برونزية للملك النوميدي سيفاكس وابنه فيرمينا، عثر عليها بموقع سيغا ببني صاف، ميدالية فضية تحمل صورة بتوليمي ابن الملك يوبا، بالإضافة إلى نقود الموحدين، المرابطين، العباسيين والمرينيين وحتى نقود التواجد الإسباني بوهران. تتضمن الحقبة الإسلامية عرض سيوف وأدوات حربية كالبنادق والمسدسات القديمة الصنع وأوانٍ فخارية ونحاسية وسيراميك وألبسة تقليدية، بالإضافة إلى قطع من الجبس منقوشة تحمل كتابات بالعربية تؤرخ لأحداث مهمة خلال الحقبة التركية، على غرار الباب الخشبي لقصر الباي. يحتوي الجناح الخاص بـ«علم الايتنوغرافيا” عادات وتقاليد الشعوب، سلسلة من الأواني الفخارية المصنوعة بمنطقة مغنية وحلي فضية من منطقة القبائل ومختلف مناطق الوطن. يمتلك متحف أحمد زبانة بشهادة المختصين في العلوم الطبيعية أكبر وأروع سلسلة محفوظة من الطيور والنباتات والحشرات مدونة بدقة، هي بمثابة كنز حقيقي للباحثين، بحكم أن المتحف كان في الأصل مخصصا للعلوم الطبيعية منذ تأسيسه سنة 1879 من طرف المؤسسة الجغرافية والأركيولوجية لمقاطعة وهران. كما يزخر المتحف بمعرض للوحات الفنية لكل المدارس الفنية المعروفة و أعمال لفنانين جزائريين معروفين كإسياخم، خدة، باية، مرسلي وفنانين آخرين.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات